العربي التبسي
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
الشيخ العربي التبسي: أحد أعمدة الإصلاح في الجزائر ، وأمين عام جمعية العلماء والمجاهد البارز الذي خطفته يد التعصب والغدر الفرنسية عام 1957 ولم يُسمع له ذِكر بعدها.
وُلد الشيخ العربي عام 1895 في بلدة (ايسطح) من أعمال (تبسة) التابعة لقسنطينة. حـفـظ القران في قريته ثم انتقل إلى تونس لتلقي العلم في زاوية (الشيخ مصطفى بن عزوز) ، انتقل بعدها إلى جامع الزيتونة ؛ فنال منه شهادة الأهلية وعزم على الانتقال إلى القاهرة لمتابـعـة التحصيل العلمى في الأزهر.
عــاد إلـى الجزائر عام 1927 واتخذ من تبسة مركزاً له وفى مسجد صغير في قلب المدينة انطلق الـشيخ في دروسه التعليمية وواصل الليل بالنهار لإنقاذ هذا الشعب من الجهـل وذل الاســتـعـمـار ، وبدأت آثار هذا الجهد تظهر في التغيير الاجتماعي والنفسي لأهل تبـسة؛ حيث بدأت تختفي مظاهر التأثر بالفرنسيين وبدأ الناس يلتفون حول رجال الإصلاح. وكالعادة ضُيّق على الشيخ ، فنصحه ابن باديس بالانتقال إلى غرب الجزائر ، فاستـجاب لذلك ، ولكن أنصاره في تبسة ألحوا عليه بالعودة وأسسوا مدرسة طلبوا منه أن يكـون أول مدير لها. وبعد وفاة ابن باديس ونفْي الإبراهيمي اتجهت الأنظار إلى الشيخ العربي ليحمل المسؤولية ويتابع الرسالة الإسلامية وتوافد إليه طلاب العلم من كل مكان ، وفي عام 1947 تــولـى الـعـربـي إدارة مـعـهـد ابـن بــاديس في قسنطينة فقام بالمهمة خير قيام. يقول عنه الإبراهيمي: "والأستاذ التبسي - كما شــهـد الاختبار وصدق التجربة - مدير بارع ومربٍ كامل خرجته الكليتان الزيتونة والأزهر في العلم وخرجه القرآن والسيرة النبوية ، فجاءت هذه العوامل في رجل يملأ جوامع الدين ومجامع العلم ومحافل الأدب". وفي عام 1956 انتقل الشيخ إلى العاصمة لإدارة شؤون الجمعية فيها ، واستأنف دروسه في التفسير وكان شجاعاً لا يخاف فرنسا وبـطـشـها ، يتكلم بالحق ، ويدعو للجهاد ولم يأبه لتحذير الناصحين المحبين له الذين خافوا عـلـيـه من فرنسا والتي كانت تعلم مكانته بين صفوف الجماهير ، وأثره عندما يدعوها للجهاد ، وهــو ليس من الناس الذين يتكلمون ولا يفعلون ، بل يقول:"لو كنت في صحتي وشبابي ما زدت (1) يوماً واحداً في المدينة ؛ أُسرع إلى الجبل ، فأحمل السلاح ، فأقاتل مع المجاهدين".
وفي 17 من نيسان (أبريل) عام 1957 امـتـدت يد (الـجـيـش الـســــري) الذي شكَّله غلاة الفرنسيين المتعصبين لتخطف الشيخ العربي من منزله ، وليكون في عداد الشهداء ، رحمه الله رحمة واسعة.
هؤلاء أبرز فرسان جمعية العلماء التي كان لها الدور الأكبر في إبراز هوية الجزائر العربية الإسلامية ، بل لها دور بارز في الـدعــوة الإســلامــية في العصر الحديث ، ولعلنا - ومن خلال (البيان) - نكون قد قمنا ببعض الواجب تجاه هذه الجمعية وهؤلاء المصلحين.
الهوامش : 1* - زدت: أقمت أو بقيت بلغة أهل الجزائر.
المصدر:
مجلة البيان / عدد 13