الشيخ سيد ناجي
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
هذا المقال بحاجة إلى إعادة كتابته أو كتابة أجزاء منه بالكامل للأسباب المذكورة في صفحة النقاش. رجاء أزل هذا الإخطار حالما تتم إعادة الكتابة. |
· وُلِدَ ـ رحمه الله ـ بمدينة ببا بمحافظة بني سويف في صعيد مصر يوم 22 فبراير سنة 1921 للميلاد ، الموافق 14 من جمادى الثاني لسنة 1339 هـ ، وكان أبوه تاجراً ، وأمه ربة منزل . · سماه أبوه ( علياً ) على اسم جده لأبيه ، وكانوا ينادونه ( سيداً ) على اسم أحد الشيوخ المعاصرين بالبلدة . · اشتهر باسم ( سيد ناجي ) بسبب اسم الشهرة ولقب العائلة . · التحق بالمدرسة الابتدائية ببلدته ، واظهر تفوقاً ونبوغاً ، وكان المدرسون يجتمعون عليه ليرونه وهو يقوم بإعراب آيات القرآن الكريم في هذه السن الصغيرة . · قبيل إتمامه المرحلة الابتدائية أخرجه أبوه من المدرسة لكي يساعده في التجارة ، وقد اجتمع عليه أساتذته محاولين إثناءه عن ذلك موضحين له موهبته وتوقعهم له بمستقبل باهر، إلا أن الظروف المادية حالت دون استكمال دراسته . · بعد خروجه من المدرسة عمل بمصنع حلج الأقطان ، ثم تركها وعمل بتجارة الأحذية حتى عام 1959 م . · تقدم لشغل وظيفة مأذون شرعي بمدينة ببا ، ونظراً لبعض المشاكل المتعلقة بهذه الوظيفة لم يتسلم العمل إلا عام 1965 هـ ، وظل يقوم بهذه المهنة حتى توفاه الله عام 1983 . · عُرف عنه شغفه الشديد بالقراءة والإطلاع ، فكان يشتري بأية نقود تكون معه كتباً ومجلات دينية وأدبية ، وفي هذا الصدد تقول عنه أمه : إنه كان يداوم على القراءة يومياً منذ صغره حتى أنه كان يقرأ الكتاب على ضوء المصباح حيث لم تكن الكهرباء موجودة في بيتهم حينذاك ، فيظل يقرأ حتى ينام فتأتي أمه فترفع عنه الكتاب وتطفئ المصباح . · وتحكي زوجته أنها كانت تمازحه وتقول له أنك متزوج من المكتبة ، فقد كان يقضي جل وقته في مكتبته ، فقد كان يقرأ يومياً ما يقرب من ثمان ساعات . · وكان يقول : إن الكتاب بالنسبة له كمثل ولد من أولاده ، وأنه قد يحزن لفقد كتاب أكثر من حزنه لفقد ولده ، وقد لمست الأسرة ذلك عندما أصيب ولده طارق في حادث سيارة ، وولده خالد في حريق ، وولده حمزة بمرض شلل الأطفال ، وقد يكون ذلك ـ والله أعلم ـ لعمق إيمانه بالقضاء والقدر ، لكن الضيق والغضب اللذان كانا يعتريانه لا يمكن وصفهما عندما يبحث عن كتاب في المكتبة ولا يجده ، ولعله كان يرجع ذلك إلى إهمال أولاده لتلك الثروة . · استمر يمارس القراءة حتى قبيل وفاته بربع ساعة تقريباً حيث كان يقرأ في كتاب (( تاريخ بغداد )) . · نظراً لاهتمامه باللغة العربية وعلومها وقواعدها ، فقد اكتسب مهارة الخطابة حتى أن من استمعوا إليه و كثير منهم أحياء كانوا يقولون انه كان يضاهي أعظم الخطباء ، وقد كان يجوب البلاد خطيباً للجمعة ، وملقياً للدروس والمواعظ ، دعوةً لله تعالى . · خطب الجمعة بالمسجد الأقصى ، وكان يخطب الجمعة بالمسجد العمري بالقدس الشريف خلال حرب فلسطين سنة 1948 والتي شارك فيها متطوعاً . · كان المجاهدون يطلبونه بالاسم لإلقاء الخطب والدروس في مساجد فلسطين ، كما كان خطيباً لأكبر مساجد الجيش المصري في منطقته ، وكان القادة يحضرون من أماكن بعيدة للاستماع إلى خطبته . · وفي هذا الصدد أقيم حفل خطابي كبير لتكريم مجموعة من العمال سنة 1964 م .وقد حضر الحفل محافظ الإقليم ورئيس المدينة والقيادات الشعبية والتنفيذية بالمحافظة ، وبعد أن ألقى الجميع كلماتهم بهذه المناسبة ، تحدث الوالد رحمه الله عن موقع العمل والعمال في الإسلام ، فانبهر به المحافظ ، وطلبه إلى مكتبه في اليوم التالي ، وأوقد المصباح الأحمر حتى لا يقطع حديثهما أحد ، ويقول سكرتير المحافظ حينذاك أن الاجتماع استمر أكثر من ثلاث ساعات متواصلة ، تحدثا فيه عن أحدث إصدارات المطابع ، وناقشا الكثير من الموضوعات ، وبعد انتهاء المقابلة قال المحافظ لمعاونيه : (( هذا الرجل لا بد أن يعين مسئولاً عن التثقيف على مستوى المحافظة )) ، ولما كان نظام الحكم في مصر حينذاك يقصر كل المناصب العليا على فئة معينة لا بد أن تكون منتمية إلى تيار سياسي معين ، ولم يكن هو من مؤيدي هذا التيار ، فقد حال ذلك دون تنفيذ رغبة المحافظ . · في عام 1948 م ، ذهب لإلقاء خطبة الجمعة بأحد مساجد صفط راشين ( إحدى قرى مركز ببا ) ، وبعد أن صعد المنبر حضر مفتش المساجد بالمنطقة ، فآثر أن يغير موضوع الخطبة حيث كان ينتوي أن يكون موضوعها عن ( العمل الجماعي في الإسلام ) ، وقد كان للمفتش موقف من العمل الجماعي ، فتحدث عن ( قضية فلسطين ) ، وبعد الخطبة قام المفتش بالتعقيب عليها ، موضحاً ضرورة مناصرة قضية فلسطين ، فخرج الوالد من المسجد ، وأعد العدة للمشاركة في الحرب ، وبالفعل ذهب فشارك فيها ، وقد أصيب في أحد المعارك ، ولكن ذلك لم يمنعه من مواصلة القتال ، والمشاركة في الخطب والدروس ، وقد كانت هذه الإصابة أبلغ في التعبير عن كلامه رغم بلاغته . · وكان رحمه الله في المعسكر الذي كان يقوده الأستاذ الكبير سعيد رمضان والذي كان يقربه نته كثيراً ، وكان الأستاذ سعيد رمضان يقول له : ( إن المسلمين الفلسطينيين يعلقون آمالاً كبيرة عليك وعلى أمثالك ) . · عاد رحمه الله من فلسطين في إجازة صغيرة ، ويبدو أنها كانت مهمة ، وإن لم يفصح هو عنها ، وترك مذكراته التي كان يكتبها عن سير المعارك في فلسطين ، ولكنه لم يستطع العودة بعد قيام الهدنة واعتقال المجاهدين ، ففقدت تلك المذكرات المهمة . · كان رحمه الله بسيطاً تقياً ورعاً ، وقد عُرف بذلك ، ولم يكن يتحدث عن نفسه قط ، حتى أننا ونحن أبناؤه لم نعرف عن حياته العامة وجهاده في فلسطين وحياته في الدعوة إلا القليل ، وإن هذا القليل عرفناه من غيره . · يحكي زملاؤه أبان فترة تجنيده بالقوات المسلحة أنه كان يتناول أبسط الطعام خوفاً من عدم العدالة في توزيع الطعام ، فقد كان يقدم له طعاماً مميزاً عن باقي الجنود نظراً لكونه المسؤول عن المسجد . · وكان له قريب من أصحاب المناصب العسكرية الرفيعة ، وكان يحتل موقعاً قيادياً كبيراً بالمنطقة العسكرية التي كان يخدم فيها ، ورغم ذلك لم يذهب له مرة واحدة في مكتبه لقضاء أي مصلحة خاصة به ، بل كان هذا القائد هو الذي يذهب إليه على فترات للسؤال عنه ، وعما إذا كان بحاجة إلى شيء ما ، فكان يجيب دائماً بالنفي . · اُعتقل في عام 1955 م ، بتهمة الانتماء إلى جماعة دينية متطرفة ، وحوكم أمام محكمة الشعب ، ورفض توكيل أي محام للدفاع عنه ، وقام بالمرافعة دفاعاً عن نفسه في مرافعة أذهلت المحامين . · مكث في السجن قرابة العام ثم أفرج عنه ، فخرج يمارس عمله في الدعوة غير متأثر بما حدث له . · أعيد اعتقاله مرة أخرى سنة 1965 م ، لمدة عامين وثلاثة أشهر ، وقد أخبر زملاؤه أنه كان ثابتاً ، ضحوكاً رغم ما يعانيه من تعذيب ، وقد كتب قصيدة يقول مطلعها :
· لولا كتاب الله أنس وحدتي o لهلكت · وللأسف لم يتم العثور على هذه القصيدة والتي أخبرنا بها أحد شعراء المدينة ، والذي قال إنها من أروع ما قرأ من الشعر . · ومن طرائفه التي تحكى عنه في السجن أنه اختار لنفسه مكاناً بجوار باب الغرفة ، وكان ذلك في فصل الشتاء ، ولما عاتبه أحد إخوانه بأن هذا المكان سيكون بارداً جداً عليه ، أجابه ضاحكاً أنه سيكون ممتازاً في فصل الصيف . · رفض رفع دعوى للتعويض عن سجنه وتعذيبه ، وكان يقول ك أجرنا على الله ، سنأخذه يوم القيامة إن شاء الله . · عُرف بصبره على الشدائد ، وقوة تحمله ، فقد أجريت له عملية خراج بالشرج دون تخدير نظراً لمرضه بالقلب ، وهذه الواقعة أذهلت الأطباء لتحمله لتلك الآلام ، وقد استغرقت العملية 45 دقيقة . · أعتقل في حياته اثنان من أبناءه ، وقد طالبت النيابة إعدام أحدهما ، ورغم الفزع الذي أصاب الأهل والأقرباء إلا أنه كان ثابت الجأش ، واثقاً من فرج الله ، وبالفعل خرج ولداه من السجن، وإن كان أحدهما خرج بعد وفاته . · لم يكن يحب الظهور ، كما لم يكن يتفاخر بعمله ، حتى أنه لم يذكر لأي قريب أو بعيد المعارك التي شارك فيها في فلسطين ، أو موقعه من تلك المعارك ، أو المهام التي كان يؤديها ، وكل المعلومات المتوفرة عنه في هذا المجال وغيره حصلنا عليها من أفواه معاصريها . · في السبعينات الميلادية ، وأثناء احتفال المحافظة بعيدها القومي ، اتصل به أحد المسؤولين وأخبره أن برنامجاً إذاعياً أسمه (( زيارة لمكتبة فلان )) وهو برنامج شهير سوف يقوم بزيارة المحافظة ، وقد تم اختيار المكتبة الخاصة بالوالد لزيارتها حيث أنها أكبر المكتبات الخاصة بها ، وسوف بكون هناك حوار معه لمدة ساعتين يتناول القضايا الفكرية المختلفة بالإضافة عن المكتبة ومحتوياتها ، ورفض ، ورغم محاولات هذا المسؤول إلا أنه أصر على الرفض . · بدأ في عام 1973في كتابة بعض المقالات ، وراسل المجلات الإسلامية في العالم العربي ، فنشرت له عدة مقالات بمجلات : منبر الإسلام المصرية ، والوعي الإسلامي الكويتية ، ومنار الإسلام الإماراتية ، والأمة القطرية ، والضياء اليمنية ، وغيرها ، كما أذيعت له عدة أحاديث بالإذاعة المصرية . · ألف عدة كتب ، ولم يطبع منها شيء ، ومنها : (( المعاهدات في الإسلام )) ، (( بحث في الجزية )) ، (( الحدود في الإسلام )) ، (( القضاء في الإسلام )) ، (( صفحة من التاريخ الإسلامي )) . · كان رحمه الله يرى أن دراسة التاريخ الإسلامي هو أحد أهم واجبات الحركة الإسلامية المعاصرة لكي تتعرف على عوامل النجاح فتعمل بها ، وتتعرف على جوانب الفشل فتجتنبها . · وكان يرى أن تحقيق المصلحة هو من أولويات التشريع الإسلامي ، لذا فالأحكام الشرعية التي تتغير تدور مع هذه المصلحة . · وكان يرى أن التيسير على المسلمين هو أحد ضروريات الدعاة إلى الله ، وأنه لن يشاد الدين أحد إلا غلبه . · وكان يرى إن الخلاف في الرأي والمعتبر شرعاً ليس سبباً للشقاق والنزاع والخصام ، وأنه يسعنا ما وسع الصحابة والسلف الكرام ، وأن الخلاف هو أحد الصفات البشرية الملازمة لأي تجمع إنساني مسلم كان أو غير مسلم . · عُرف بسماحته وعفوه عمن ظلمه ، ويشهد بذلك الكثير من الأقربين والأبعدين الذين ظلموه ، أو شاهدوا ظلماً وقع عليه ثم شاهدوا مدى سماحته . · كان يحترم الكبير والصغير ، وأصحاب المهن الوضعية والعالية ، وكان شديد الاحترام للعلماء وأئمة المساجد ، والذين كانوا يجتمعون لديه دوماً . · أوصى بوقف مكتبته على طلبة العلم بعد وفاته ، وقد كانت هذه المكتبة مزاراً لطلبة العلم وطلاب الدراسات العليا ، والذين استفادوا منها في كثير من أبحاثهم . · وتعتبر هذه المكتبة هي ثلث مكتبته الحقيقية ، حيث تم الاستيلاء على جزء كبير من هذه المكتبة ، كما تم حرق ودفن جزء كبير منها بواسطة الأقارب خوفاً عليه بعد اعتقاله . · كان له نصيب كبير من العمل الاجتماعي العام ، فقد شارك رحمه الله في الكثير من تلك الأنشطة ، ومنها على سبيل المثال لا الحصر : · كان رئيساً لمجلس إدارة جمعية الدعوة الإسلامية بمركز ببا عند إنشائها سنة 1978 م . · رئيس ومؤسس جمعية الحج والعمرة بمركز ببا سنة 1953 م . · عضو وممثل مركز ببا في جمعية البر والمحافظة على القرآن الكريم بمحافظة بني سويف سنة 1975 م . · عضو لجنة تقدير الإيجارات بمركز ببا ممثلاً عن المستأجرين سنة 1977 ، وقد قدم استقالته منها عندما شعر أن هناك تلاعباً فيها . · عضو لجنة فض المنازعات بمركز ببا سنة 1979 . · خطيب ورئيس مجلس إدارة مسجد النصر ببا عند إنشائه سنة 1962 م ز · وفاته : · في يوم الأحد 15 / 11 / 1983 م الموافق 30 من شهر المحرم سنة 1404 هـ ، وبعد صلاة العشاء ، جلس للقراءة وكتابة أبحاثه كعادته ، وكان يقرأ حينذاك في كتاب (( تاريخ بغداد )) ، وبعد فترة قصيرة خرج مودعاً أهله ، وذهب للتعزية في أحد أئمة المساجد بببا ، والذي كان رفيق عمره ، وكان قد توفي في صبيحة هذا اليوم ، وقد شارك في تشييع الجنازة ، وبعد أن صافح الجميع ، وجلس على المقعد ، جاءه أحد أقارب الميت معاتباً له على حضوره رغم ظروفه المرضية ، وقبل أن يجيبه ألقى برأسه إلى الخلف ، فأحضروا له بعض الماء وألقوه على وجهه ، فأفاق ونظر إليهم مبتسما ً ، ثم أغلق عينيه ، ومات رحمه الله مبتسماً ، عن عمر يناهز 63 سنة . · وفي صبيحة اليوم الثاني وهو يوم الاثنين 6 / 11 / 1983 م شُيعت جنازته في مشهد وجنازة غير مسبوقة في تلك الفترة ،. وقد قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله عن أهل البدع : (( الفرق بيننا وبينهم الجنائز )) وخروج الكثرة من الناس لتشييع الجنازة دليل على صلاح صاحبها .