من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
أبو البقاء صالح بن يزيد بن صالح بن موسى بن أبي القاسم بن علي بن شريف الرندي الأندلسي (601 هـ -684 هـ الموافق: 1204 - 1285 م) هو من أبناء (رندة) قرب الجزيرة الخضراء بالأندلس وإليها نسبته. وهو من حفظة الحديث والفقهاء. وقد كان بارعا في نظم الكلام ونثره. وكذلك أجاد في المدح والغزل والوصف والزهد. إلا أن شهرته تعود إلى قصيدة نظمها بعد سقوط عدد من المدن الأندلسية. وفي قصيدته التي نظمها ليستنصر أهل العدوة الإفريقية من المرينيين عندما أخذ ابن الأحمر محمد بن يوسف أول سلاطين غرناطة في التنازل للإسبان عن عدد من القلاع والمدن إرضاء لهم وأملا في أن يبقى ذلك على حكمه غير المستقر في غرناطة وتعرف قصيدته بمرثية الأندلس وفيها يقول
[تحرير] قصيدة "رثاء الأندلس" لأبو البقاء الرندي
لـكل شـيء إذا مـا تم نـقصان |
|
فـلا يـغر بـطيب العيش إنسان |
هـي الأمـور كما شاهدتها دول |
|
مـن سره زمـن سـاءته أزمـان |
وهـذه الـدار لاتـبقى على أحد |
|
ولا يـدوم عـلى حـال لها شان |
أين الملوك ذوي التيجان من يمن |
|
وأيـن مـنهم أكـاليل وتـيجان |
وأيــن مـاشاده شـداد في إرم |
|
وأين ماساسه في الفرس ساسان |
أتـى عـلى الـكل أمـر لا مرد له |
|
حـتى قضوا فكان القوم ماكانوا |
وصـار الأمر من مَلكٍ ومن مُلك |
|
كما حكى عن خيال الطيف وسنان |
كـأنما الـصعب لـم يـسهل له |
|
سبب يوماً ولا ملك الدنيا سليمان |
فـجائع الـدنيا أنـواع مـنوعة |
|
ولـلـزمان مـسرات وأحـزان |
ولـلـحوادث سـلوان يـسهلها |
|
ولـما حـل بـالأسلام سـلوان |
دهـى الـجزيرة أمر لا عزاء له |
|
هـوى لـه أحـد وأنـهد ثهلان |
فـي الـعين في الأسلام فارتزأت |
|
حـتى خـلت مـنه أقطار وبلدان |
وأيـن قـرطبة دار الـعلوم فكم |
|
مـن عـالم قد سما فيها له شان |
وأيـن حمص وما تحويه من نزه |
|
ونـهرها الـعذب فياض وملآن |
قـواعد كـن أركـان البلاد فما |
|
عـسى الـبقاء إذا لم تبق أركان |
تبكي الحنيفية البيضاء من أسف |
|
كـما بـكى لـفراق الإلف هيمان |
عـلى ديـار مـن الأسلام خالية |
|
قـد أقـفرت ولها بالكفر عمران |
حـيث المساجد قد صارت كنائس |
|
مـافيهن إلا نـواقيس وصلبان |
حتى المحاريب تبكي وهي جامدة |
|
حـتى المنابر تبكي وهي عيدان |
يـاغافلاً وله في الدهر موعظة |
|
إن كـنت في سنةٍ فالدهر يقظان |
ومـاشياً مـرحاً يـلهيه موطنه |
|
أبـعد حـمص تغر المرء أوطان |
تـلك الـمصيبة أنست ما تقدمها |
|
ومـالها مـن طوال الدهر نسيان |
يـاراكبين عـتاق الخيل ضامرة |
|
كـأنها فـي مجال السبق عقبان |
وحـاملين سـيوف الهند مرهفة |
|
كـأنها فـي ظـلام النقع نيران |
وراتـعين وراء الـبحر في دعة |
|
لـهم بـأوطانهم عـز وسلطان |
أعـندكم نـباء مـن أهل أندلس |
|
فـقد سـرى بحديث القوم ركبان |
كم يستغيث بنا المستضعفون وهم |
|
قـتلى وأسـرى فما يهتز أنسان |
لـماذا التقاطع في الإسلام بينكم |
|
وأنـتـم يـاعـباد الله أخـوان |
يـامن لـذلة قـوم بـعد عزتهم |
|
أحـال حـالهم جـور وطـغيان |
بـالأمس كانوا ملوكاً في منازلهم |
|
والـيوم هم في بلاد الكفر عبدان |
فـلو تـراهم حيارى لادليل لهم |
|
عـليهم فـي ثـياب الذل ألوان |
يـارب أم وطـفل حـيل بينهما |
|
كـمـا تـفـرق أرواح وأبـدان |
وطـفلة مـثل حسن الشمس إذ |
|
طـلعت كأنما هي ياقوت ومرجان |
يـقودها الـعلج لـلمكروه مٌكرهة |
|
والـعين بـاكية والـقلب حيران |
لـمثل هـذا يبكي القلب من كمد |
|
إن كـان في القلب إسلام وإيمان |