وزان
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
مدينة وزان
تاريخ المدينة :
إن تاريخ تأسيس مدينة وزان غير مدقق وغامض وهدا بسبب غياب مراجع تاريخية يمكن الإستناء إليها وحول نشأة المدينة لكن هناك ثلاث روايات. أ – الرواية الأولى: وهي شفوية ومفادها أن مدينة وزان نشأت في العهد الروماني . والدليل علي هدا أن كلمة وزان هي اسم ولي عهد أحد أباطرة الرومان.وتضيف الرواية أن وزان كانت تقع على الطريق التجارية بين مدينة طنجة و مدينة وليلي . ب – الرواية الثانية: وقد وردت في كتاب "الروض المنيف" حيت أشار صاحب الكتاب أن مأدنة المسجد الأعظم بوزان هي في الأصل من الوضع الفاتح لشمال إفريقيا موسى بن نصير ، وهدا في عهد بني أمية، الشيء الذي يدل على أن المدينة كانت قائمة في دلك الوقت ، ويستنتج من هده الرواية أن المدينة نشأت في العهد الأموي. ج – الروية الثالثة: جاء في كتاب "دعامة اليقين لمؤلفه أبى القاسم العزفي (ت633ه)، مفادها أن أبا طاهر أحد مريدي الشيخ سيدي أبي يعزي يلنور(المعروف بمولاي بوعزة ) كان خطيب بمسجد وزان وهدا في القرن السادس الهجري. كل هده الراويات، الشفاهية منها والكتابية، تدل دلالة جلية على أن الجذور التاريخية لمدينة وزان موغلة في القديم، إلا أن التحديد الدقيق لتاريخ تأسيس هده المدنية مازال غامضا لندرة الوثائق و المخطوطات التي لم يكشف عنها النقاب بعد . إلا أن الراجح و الأكيد هو أن مدينة وزان دخلت التاريخ بحلول المولي الصالح مولاي عبد الله الشريف بها المتوفى سنة1678 ميلادية/1089هجرية.
وقد أسس بها زاوية صوفية شادلية عرفت بالزاوية الو زانية ، وابتدءا من هده اللحظة التاريخية أخذت المدينة تعرف اتساعا حضاريا و علميا وثقافيا بموازاة مع الشهرة المتنامية للزاوية الو زانية. وقد اتسعت هده الشهرة وطالت، بالإضافة إلى جهات كثير بالمغرب ، معظم بقاع العالم الإسلامي وخاصة الإفريقية منها والأسيوية . وبفضل هده الشهرة أصبحت مدينة وزان منارة للعلم ومحجبة لمريدي المعرفة.والدليل على هدا ما تشمله خزينة المسجد الأعظم من مخطوطات ومؤلفات مهمة في علوم مختلفة وفنون معرفية متنوعة والتي يرجع الفضل في تأسيسها إلى شيوخ الزاوية أنفسهم الدين جمعوا بين علوم الشريعة والحقيقة: ابتداء من مولاي عبد الله الشريف المؤسس إلى حفيده مولاي علي بن أحمد وأنجاله . هدا بالإضافة إلى العدد الغفير للعلماء و المريدين الدين تربو في حضن الزاوية الو زانية ونهلوا من حياضها وتتلمذوا على شيوخها، فتوزعوا في كثير من الأقطار، ونزلوا في عدد كبير من الأمصار، كما تتحدث بدلك كتب التراجم والأخبار ، ومن بين هؤلاء الأعلام نذكر: أبو محمد عبد الله بن الحسن الجنوي(ت1200هـ) دفين بمدينة مراكش / والشيخ الفقيه محمد الرهوني ( ت1230هـ) دفين وزان والفقيه المالكي بن الخضر الوزاني(1342هـ)دفبن فاس و أخوه العلامة الفقيه سيدي عبد الله بن محمد بن الخضر الوزاني(1360هـ) دفين بوزان.
أصل تسمية مدينة وزان:
إن أصل تسمية مدينة وزان يبقى هو الأخر غير واضح وغامضا إلى يومنا هدا. ومن خلال الدراسات حول تاريخ مدينة وزان هناك ثلاث روايات تتضارب حول التسمية التي يصعب ترجيح وتأييد واحدة دون الأخريين.
1- الرواية الأولى: وتقول أن أصل الكلمة لتيني، وقد أطق هدا الاسم على المدينة من طرف أحد أباطرة الرومان الذي كان ولي عهده يحمل أوزينوس، ومنه جاءت كلمة "وزان" . 2- الرواية الثانية : إن هدا الاسم أشتق من الكلمة العربية "الوزان" إن هده الكلمة أطلقت على أحد الأشخاص المسمى بعبد السلام الذي كان يضع موازين له بمدخل المدينة بالمحل المعروف حاليا بالرمل، وحيت كان التجار ملزمون باللجوء إليه لوزن بضاعتهم وسلعهم فأطلقوا عليه اسم الوزان ، الذي حملته المدينة فيما بعد، نظرا لكثرة تداوله. 3- الرواية الثالثة: تقول هده الرواية إن أصل كلمة "وزان" مختصر من كلمة: "واد الزين" أو"واد زاز" التي تطلق على نهر صغير يوجد في المرتفعات في الشمال بالجمال الساحر للمناظرة الطبيعية التي تختص بها المدينة.
تسمية دار الضمانة:
لقد عرفت مدينة وزان عبر التاريخ بتسميات عدة كما جاء في كتاب " قليل من كثير عن تاريخ وزان " لمؤلفه المشيشي، سميت ب "زاوية وزان" ونجد دلك في بعض الوثائق العدلية ,تارة حملت المدينة اسم "دار وزان" , و تارة كتبها بعض المؤرخين " بوزان " أي بألف الحمل بعد الواو . ولكن مدينة الشرفاء كثيرا ما اشتهرت " بدار الضمانة "، ولهدا النعت الملتسق بالمدينة أسباب تاريخية شتي، والضمانة هنا تأتي بالمعني الصوفي كما تأتي بالمفهوم العادي المتداول في القانون الوضعي اد كان كثيرا ما يلجئ الجناة إلي بعض الزوايا والأضرحة , ويحتمون بها هربا من ملاحقتهم و القبض عليهم من طرف السلطات الحاكمة، ولم يستثني عهد الحماية الفرنسية بالمغرب من عهد الممارسات , إد كثيرا ما كان المستعمر يحترم قدسية هده الأماكن. وللتاريخ أمثلة عن دلك ,فقد سبق للمجاهد الريفي الكبير عبد الكريم الخطابي نفسه ان التجأ إلي الزاوية الو زانية "بسنادة" بالريف سنة 1926م تحت حرمه وضمانة الشريف البركة – سيدي احميدو لوزاني الذي توسط المفاوضات بين القوات الفرنسية وزعماء الثورة الريفية الواضعة أوزارها. والزاوية الو زانية أينما وجدت فهي امتداد لفضاء "دار الضمانة " ولم يكن هدا الضمان بطلب من زاوية وزان فقط ,بل يذكر التاريخ كذلك اعتكاف عدة قادة ثور ببن بضريح مولاي إدريس بفاس وزرهون ولجوء بعض الملوك العلويين الغاضبين إلي الحماية بحر م ضريح مولاي عبد السلام بن مشيش.
الضمان الصوفي الأخروي أو ضمان الجنة:
الضمان الصوفي لا يعرفه ولا يتكلم عنه ولا يمنحه إلا أهل الصوفية فهو ضمان التوبة والمغفرة يوم الحساب لكل من كتب له الله أن يواري جثمانه بأرض مدينة وزاغن المقدسة . فلقد تكلم عن هدا الضمان أولياء صوفيون مرموقون في هرم ممشيخة الزاوية الو زانية . وأورد صاحب " الروض المنيف " جملة من الروايات قال: فمن دلك الضمان الشريف أن الجد العاشر لمولانا عبد الله الشريف وهو سيدي يملح بن مشيش أراد أن يزوج ابنه سدي محمد من بنت عمه فاطمة بنت مولاني عبد السلام ابن مشيش فكلم في دلك أعمام أبيها و أخاه وطلب منهم أن يرفعوا دلك إليه فأمرهم باستيمارها فامتنعت وقالت :إنها مشغولة بنفسها وبعبادة ربها فالحو عليها لما علموه من طيب نفس أبيها بتزويجها من ابن عمها فاشترطت أن يعطيها السر يكون لها ولذريتها إلي يوم القيامة أو أن يضمنوا دلك إلي أبيها فأجابهم إليه وضمنوه لها ورجعوا إليه بدلك فقالت : لا افعل إلا بحضور النبي صلي الله عليه و سلم و ضمانه فحضر ضلي الله عليه السلم و ضمن السر لها ولذريتها إلي يوم القيامة.
ومن دلك الضمان لشريف م وقع للشيخ سيدي علي بن احمد بن احمد بن الطيب بن مجمد بن مولانا عبد الله الشريف مع الفقيه الرهوني صاحب الحاشية علي مختصر خليل. ودلك أن أهل الذمة بوزان كانوا يدفنون موتاهم خارج البلد علي مرحلة منه فكان اللصوص يعترضون طريقهم ويلحقون الضرر بهم فاستغاثوا بالفقيه وطلبوا منه أن يتوسط لهم و أن يقنع الشيخ لهم بدفن موتاهم داخل البلد فكلم الفقيه الشيخ في دلك عدة مرات في أوقات متفرقة دون أن يجيبه بشيء فحرر الفقيه فتبا يجيز فيها دلك من جهة الشرع ورفعها إلي الشيخ و عاتبه علي عدم إجابته فتغير وجه الشيخ وقال للفقيه : أن شئت في وجهك حتى اليهود لا يدخلوا النار بسبب دفنهم بوزان فنعم و سادتنا رضي الله عنهم ضمنوا أن من دفن بأرض وزان وما حولها لم تمسه النار و دلك بفضل الله يوتيه من يشاء.
مولاي عبد الله الشريف:
مؤسس الزاوية الو زانية:
من أقطاب الصوفية العظماء في العالم الإسلامي الغربي : الشريف الإدريسي "مولاي عبد اله الشريف" بن إبراهيم، مؤسس الزاوية الو زانية من النصف الأول من القرن السابع عشر الميلادي.
نسبـــــــــــــــــــــه:
هو "مولاي عبد اله الشريف " بتزروت – من قبيلة بني " عروس " الواقعة علي ضفاف جبل " علام " ودلك حوالي سنة 1579. و نشأ رحمه الله يتيما في سن مبكر , حيت لم يكن يتجاوز عمره العاشرة فكفله أعمامه الشرفاء الريسيونيو...، وحرصوا علي تلقينه القرآن الكريم و مبادئ الدين الإسلامي الحنيف، ثم عهده إلي الوالي الصالح سدي علي بن أجمد الكر فطي دفين جبل " الصرصار " قرب وزان بقبيلة مصمودة، فلقنه الطريقة الجاز ولية الشادلية. وبعد مقامه مولاي علي بن أحمد الكر فطي التحق الشريف "مولاي عبد الله الشريف" بتطوان ثم بفاس لطلب العلم . وفي هده المدينة الأخيرة التقي –بما شاء الله أن يلتقي به - من علماء ورجال التصوف ، ومن بينهم العالم الصوفي المرموق سيدي محمد بن علي ابن عطية ألزناتي ، وبعد وفاة مولاي علي بن أحمد الكرفطي رجع مولاي عبد الله الشريف إلي مدشر " سكرة " بامزفرون بين مصمودة و غزاوة و رهونة واقام به عبد ربه حتى أتاه اليقين ،فظهر له ذات ليلة النبي صلي الله عليه وسلم وأشار عليه بالدخول في شؤون الدنيا حتى يكون أكثر نفعا لبني البشر ، عند دلك تقرب الوالي الصالح مولاي عبد الله الشريف من وزان و جعل من مدشر "ميقال"، خلوة له ... فلم يلبث به طويلا حتى التحق بوزان حيث اجتمع حوله المريدون ومحبوا أهل البيت فما كان منه إلا أن أسس زاوية كتب الله لها أن يذيع صيتها في أرجاء المملكة المغربية، و حتى في شمال إفريقيا و بلاد الشرق.
توفي سنة 1678م وافاه الآجل المحتوم، حيث دفن بوزان وشيد علي قبره مسجد كبير لا يزال قائما إلي يومنا هدا يحمل اسمه و بحجه العديد من الزاوية.
كريمة الحودار( تلميذة بتانوية إبن زهر – مدينة وزان)