نقاش:أبو لهب

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

تبت يدا أبى لهب وتب

   لم يمت أبى لهب منذ مبعث ابن أخيه رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم داعيا ومبشرا ونذيرا للبشرية ومرسلا من الله بخاتم الرسالات وسيظل ماثلا فيمن يتبعون نهجه إلى أن تقوم الساعة، لأن أفعاله قد توارثها أنصار الضلال؛ ولأن كل أمر من الأمور عند الله تعالى بمقدار فإن اختيار أبا لهب عم للرسول صلى الله عليه وسلم، ليظهر العداء والبغضاء لابن أخيه المبلغ لرسالة السماء لأنه يرى فيها تقليلا لجبروته وحدا لسلطانه ومنعا وتحريما لظلمه للضعفاء والمحتاجين وعامة القوم من البسطاء بانتصار الدين لهم وتحريمه البغى،  فهذا الانتقاء هو تعبير وتنبيه إلى كون العداء للإسلام من الممكن أن يجيء من المقربين بل وممن هم داخل دار النشأة نفسها، وهو تنبيه ولفت إلهى للمسلمين على مدى الدهر حتى لا يروعوا بما يرونه ويسمعونه من معاداة لدين الله .
  وما حدث منذ أيام وهو ما سبق حدوثه وما سوف يحدث فى قادم الزمان والى أن تقوم الساعة من تطاول على الرسول النبى صلى الله عليه وسلم كرمز للرسالة، هو دليل على حيوية العقيدة وتأكيدا على استمرارية تناميها وتفاعلها داخل النفوس والمجتمعات، فالأمر الغائب لا يلفت ولا يستثير، أما الأمور الحية الفاعلة فهى تلفت وتدعوا للإثارة والتفاعل معها سلبا أو إيجابا.
  ولكن بدءا وانتهاء سوف يبقى أبو لهب ينفث حقده وكراهيته ونتنه وعفونته، وسيظل يلقى بالحجارة على أعقاب المؤمنين فيدميها أو تطيش رمياته فيستثار غيظا وحقدا ولن يكف عن الصراخ والسباب والتطاول بأقبح الكلام وأكذب الاتهام، تماما كما فعل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ ما يقرب من ألف وخمسمائة عام، فعن طارق المحاربي، وهو ممن عاصر بدء الدعوة، قال: بينما أنا بسوق ذي المجاز إذا أنا بشاب يقول أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا، وإذا برجل خلفه يرميه قد أدمى ساقيه وعرقوبيه، ويقول: يا أيها الناس إنه كذاب فلا تصدقوه. فقلت: من هذا؟. فقالوا: هو محمد يزعم أنه نبي. وهذا عمه أبو لهب يزعم أنه كذاب .
 إن أمامنا سبيلين ننهجهما مع أولئك اللهبيون، الأول : أن لا نعيرهم التفاتا، والثانى : أن نكون جبهة قانونية وإعلامية تقوم بمقضاتهم على مستوى العالم فى المحاكم الدولية والمحاكم الخاصة وداخل دولهم.
  وأجدنى أميل للنهج الثانى مع مطالبة المجتمع الدولى متمثلا فى هيئة الأمم المتحدة أن تصدر قانونا أو تشريعا يجرم ويدين كل من يحقر الأديان السماوية أو رموزها، لأننى أجد أننا نحن وحدنا كمسلمين من يعمل بهذا النهج  لأننا مأمورين من الله تعالى بأن نؤمن ونوقر ونحترم كل دين سماوى، قال تعالى : [آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ المَصِيرُ] {البقرة:285}، وقال تعالى :  [إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا] {النساء:150} 
   بل لقد وصم الله تعالى بصفة الإجرام من يعمل غير ذلك، وهو ما يقع تحته أبو جهل وأشياعه، قال الله تعالى فى كتابه المبين: [مَنْ كَانَ عَدُوًّا للهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ] {البقرة:98}، وقال تعالى : [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا آَمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَاليَوْمِ الآَخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا] {النساء:136}
   كما توعد الله تعالى أنصار وتلامذة أبو جهل بالنار جزاء وفاقا، بينما وعد الله تعالى من يؤمن بالله ورسله وكتبه وملائكته بأحسن الجزاء، قال الله تعالى : [وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا] {النساء:152}، وقال تعالى : [وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الجَحِيمِ] {الحديد:19}، كما حث سبحانه على السعى إلى الطتعة طلبا لمغفرة الله ورضاه، فقال عظم من قائل : [سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ] {الحديد:21} 
 فهل لنا أن نكون فاعلين فننهج نهج المؤمنين الأقوياء دفاعا عن الحق، وطلبا لرضى الله، ومسارعة إلى طلب مغفرته ونعيم جنته ؟.
                                          فخرى فايد