يوسف إدريس
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
يوسف إدريس علي، كاتب قصص، مسرحي، وروائي. مصري ( 1927-1991)
ولادته: 1927 في البيروم (قرب دمياط)، مصر.
وفاته: 1/8/1991، عند 64 سنة .
ثقافته: حائز على بكالوريوس في الطب، 1947-1951؛ تخصص في الطب النفساني.
فهرس |
[تحرير] حياته في سطور
طبيب بالقصر العيني، القاهرة، 1951-1960؛ حاول ممارسة الطب النفساني سنة 1956، مفتش صحة، صحفي محرر بالجمهورية، 1960، كاتب بجريدة الأهرام، 1973 حتى عام 1982. حصل على كل من وسام الجزائر (1961) ووسام الجمهورية (1963 و 1967) ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى (1980). سافر عدة مرات إلى جل العالم العربي وزار (بين 1953 و 1980) كلاً من فرنسا، إنجلترا، أمريكا واليابان وتايلندا وسنغافورة وبلاد جنوب شرق آسيا. عضو كل من نادي القصة وجمعية الأدباء واتحاد الكتاب ونادي القلم الدولي. متزوج من السيدة رجاء الرفاعي وله ثلاثة أولادالمهندس سامح والمرحوم بهاء والسيدة نسمة.
[تحرير] السيرة:
ولد يوسف إدريس في 19 مايو 1927 وكان والده متخصصاً في استصلاح الأراضي ولذا كان متأثراً بكثرة تنقل والده وعاش بعيداً عن المدينة وقد أرسل ابنه الكبير (يوسف) ليعيش مع جدته في القرية.
ولما كانت الكيمياء والعلوم تجتذب يوسف فقد أراد أن يكون طبيباً. وفي سنوات دراسته بكلية الطب اشترك في مظاهرات كثيرة ضد المستعمرين البريطانيين ونظام الملك فاروق. وفي 1951 صار السكرتير التنفيذي للجنة الدفاع عند الطلبة، ثم سكرتيراً للجنة الطلبة. وبهذه الصفة نشر مجلات ثورية وسجن وأبعد عن الدراسة عدة أشهر. وكان أثناء دراسته للطب قد حاول كتابة قصته القصيرة الأولى، التي لاقت شهرة كبيرة بين زملائه.
ومنذ سنوات الدراسة الجامعية وهو يحاول نشر كتاباته. وبدأت قصصه القصيرة تظهر في المصري وروز اليوسف. وفي 1954 ظهرت مجموعته أرخص الليالي. وفي 1956 حاول ممارسة الطب النفسي ولكنه لم يلبث أن تخلى عن هذا الموضوع وواصل مهنة الطب حتى 1960 إلى أن انسحب منها وعين محرراً بجريدة الجمهورية وقام بأسفار في العالم العربي فيما بين 1956-1960.
وفي 1957 تزوج يوسف إدريس.
وفي 1961 انضم إلى المناضلين الجزائريين في الجبال وحارب معارك استقلالهم ستة أشهر وأصيب بجرح وأهداه الجزائريون وساماً إعراباً عن تقديرهم لجهوده في سبيلهم وعاد إلى مصر، وقد صار صحفياً معترفاً به حيث نشر روايات قصصية، وقصصاً قصيرة، ومسرحيات.
وفي 1963 حصل على وسام الجمهورية واعترف به ككاتب من أهم كتّاب عصره. إلا أن النجاح والتقدير أو الاعتراف لم يخلّصه من انشغاله بالقضايا السياسية، وظل مثابراً على التعبير عن رأيه بصراحة، ونشر في 1969 المخططين منتقداً فيها نظام عبد الناصر ومنعت المسرحية، وإن ظلت قصصه القصيرة ومسرحياته غير السياسية تنشر في القاهرة وفي بيروت. وفي 1972، اختفى من الساحة العامة، على أثر تعليقات له علنية ضد الوضع السياسي في عصر السادات ولم يعد للظهور إلا بعد حرب أكتوبر 1973 عندما أصبح من كبار كتّاب جريدة الأهرام.
[تحرير] مؤلفاته:
[تحرير] قصص:
- - أرخص ليالي ، القاهرة، سلسلة "الكتاب الذهبي"، روز اليوسف، ودار النشر القومي، 1954.
- - جمهورية فرحات ، قصص ورواية قصة حب، القاهرة، سلسلة "الكتاب الذهبي" روز اليوسف، 1956. مع مقدمة لطه حسين. صدرت جمهورية فرحات بعد ذلك مستقلة، ثم مع ملك القطن، القاهرة، دار النشر القومية، 1957. وفي هذه المجموعة رواية: قصة حب التي نُشرت بعدها مستقلة في كتاب صادر عن دار الكاتب المصري بالقاهرة.
- - البطل، القاهرة، دار الفكر، 1957.
- - حادثة شرف، بيروت، دار الآداب، والقاهرة، عالم الكتب، 1958.
- - أليس كذلك؟، القاهرة، مركز كتب الشرق الأوسط، 1958. وصدرت بعدها تحت عنوان: قاع المدينة، عن الدار نفسها.
- - آخر الدنيا، القاهرة، سلسلة "الكتاب الذهبي" روز اليوسف، 1961.
- - العسكري الأسود، القاهرة، دار المعارف، 1962؛ وبيروت، دار الوطن العربي، 1975 مع رجال وثيران والسيدة فيينا.
- - قاع المدينة ، القاهرة، مركز كتب الشرق الأوسط، 1964.
- - لغة الآي آي، القاهرة، سلسلة "الكتاب الذهبي" ، روز اليوسف، 1965.
- - النداهة، القاهرة، سلسلة "رواية الهلال"، دار الهلال، 1969؛ ط2 تحت عنوان مسحوق الهمس، بيروت، دار الطليعة، 1970.
- - بيت من لحم، القاهرة، عالم الكتب، 1971.
- - المؤلفات الكاملة، ج 1:القصص القصيرة، القاهرة، عالم الكتب، 1971.
- - ليلة صيف، بيروت، دار العودة، د.ت. والكتاب بمجمله مأخوذ من مجموعة: أليس كذلك؟
- - أنا سلطان قانون الوجود، القاهرة، مكتبة غريب، 1980.
- - أقتلها، القاهرة، مكتبة مصر، 1982.
- - العتب على النظر، القاهرة، مركز الأهرام، 1987.
[تحرير] روايات:
- - الحرام، القاهرة، سلسلة "الكتاب الفضي"، دار الهلال، 1959.
- - العيب، القاهرة، سلسلة "الكتاب الذهبي"، دار الهلال، 1962.
- - رجال وثيران، القاهرة، المؤسسة المصرية العامة، 1964.
- - البيضاء، بيروت، دار الطليعة، 1970.
- - السيدة فيينا، بيروت، دار العودة 1977. (انظر رقم 5 أعلاه) .
- - نيويورك 80، القاهرة، مكتبة مصر، 1980.
[تحرير] مسرحيات
1- ملك القطن (و) جمهورية فرحات، القاهرة، المؤسسة القومية. 1957 مسرحيتان.
2- اللحظة الحرجة، القاهرة، سلسلة "الكتاب الفضي"، روز اليوسف، 1958.
3- الفرافير، القاهرة، دار التحرير، 1964. مع مقدمة عن المسرح المصري.
4- المهزلة الأرضية، القاهرة سلسلة "مجلة المسرح" 1966.
5- المخططين، القاهرة، مجلة المسرح، 1969. مسرحية باللهجة القاهرية.
6- الجنس الثالث، القاهرة، عالم الكتب، 1971.
7- نحو مسرح عربي، بيروت، دار الوطن العربي، 1974. ويضم الكتاب النصوص الكاملة لمسرحياته: جمهورية فرحات، ملك القطن، اللحظة الحرجة، الفرافير، المهزلة الأرضية، المخططين والجنس الثالث.
8- البهلوان، القاهرة، مكتبة مصر، 1983.
[تحرير] مقالات
1- بصراحة غير مطلقة، القاهرة، سلسلة "كتاب الهلال" ، 1968.
2- مفكرة يوسف إدريس، القاهرة، مكتبة غريب، 1971.
3- اكتشاف قارة، القاهرة، سلسلة "كتاب الهلال"، 1972.
4- الإرادة، القاهرة، مكتبة غريب، 1977.
5- عن عمد اسمع تسمع، القاهرة، مكتبة غريب، 1980.
6- شاهد عصره، القاهرة، مكتبة مصر، 1982.
7- "جبرتي" الستينات، القاهرة، مكتبة مصر، 1983.
8- البحث عن السادات، طرابلس (ليبيا)، المنشأة العامة. 1984.
9- أهمية أن نتثقف .. يا ناس، القاهرة، دار المستقبل العربي، 1985.
10- فقر الفكر وفكر الفقر، القاهرة، دار المستقبل العربي، 1985.
11- خلو البال، القاهرة، دار المعارف، 1986.
12- انطباعيات مستفزة، القاهرة، مركز الأهرام للترجمة والنشر، 1986.
13- الأب الغائب، القاهرة، مكتبة مصر، 1987.
14- عزف منفرد، القاهرة، دار الشروق، 1987.
15- الإسلام بلا ضفاف، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1989.
16- مدينة الملائكة، القاهرة، الهيئة المصرية…، 1989.
17- الإيدز العربي، القاهرة، دار المستقبل العربي، 1989.
18- على فوهة بركان، محمود فوزي، القاهرة، الدار المصرية اللبنانية، 1991. حوار.
19- ذكريات يوسف إدريس، القاهرة، المركز المصري العربي للنشر والصحافة والتوزيع، 1991.
[تحرير] لمحة عنه
يعد يوسف إدريس أحد كتاب القصة من أصحاب التوجه (الشيوعي) (الاشتراكي)، من الذين يرون الحل الأمثل للبلاد الإسلامية أن تقوم بتطبيق (الشيوعية الاشتراكية)، ولهذا فقد سخر فنه لنشر هذا الكفر الخبيث، من خلال تركيزه في رواياته وقصصه على الجانب الاقتصادي، وأنه هو الأساس لما عداه، وشحن تلكم القصص والروايات بالجنس والترويج له، والتعاطف مع البغايا والمومسات والتماس الأعذار لهن، وفق فلسفته الاشتراكية.
يقول الدكتور عبد الحميد القط: "إن يوسف إدريس كان شيوعياً منذ التحق بالجامعة، وذاك قبل سنة 1952" (يوسف إدريس والفن القصصي، ص 129).
أما الدكتور أحمد هيكل فيصفه بأنه "اشتراكي يعالج هموم الطبقات الكادحة" (المرجع السابق، ص131).
ويقول صاحب كتاب "الإبداع القصصي عند يوسف إدريس" بأن إدريس "يؤمن بأن الهدف النهائي هو خلق المجتمع الاشتراكي" (ص 78).
ويقول الدكتور شاكر النابلسي عنه: "كان شيوعياً" (مباهج الحرية في الرواية العربية، ص237).
وبين أن انفصاله عن الشيوعيين بعد عام 1958 لا يعني تخليه عن الاشتراكية، بل "ظل يؤمن بالاشتراكية" (المرجع السابق، ص238).
وتقول الدكتور نادية فرج "نشأ يوسف إدريس في الفترة السابقة على ثورة عبد الناصر، ومثل معاصريه ثار إدريس ضد مظالم الإدارة الاستعمارية والأرستقراطية الفاسدة، وعلى رأسها الملك فاروق. وكما ذكرنا آنفاً، اشترك يوسف إدريس وهو طالب في المظاهرات، سنة 1951، وكان يومئذ سكرتير لجنة الطلبة. فأسهم بنصيب ملحوظ في ثورة الطلبة، ونشر بالمجلات مقالات تعبر عن آرائه. ولما نجحت ثورة عبد الناصر ابتهج بنجاحها ورحب بقيامها، ولكنه –كان شأنه شأن جميع الثوريين والمثقفين (بما فيهم عبد الناصر نفسه)- كان ينشد العثور على أيديولوجية جديدة تلائم احتياجات وطنه وتصلح المظالم التي يقاسي منها الشعب.
وبدت الاشتراكية الجواب الشافي من كل هذه الآلام والشرور التي سادت الفترة السابقة على الثورة. وفي مسرحية يوسف إدريس الأولى" ملك القطن" صور كفاح الفلاحين ضد مالك الأرض. ورسم العذاب الذي عاناه الفلاحون باحترام عميق، بحيث لا يسع المتفرج إلا المشاركة في هذا الألم الإنساني. وفي هذه المسرحية تبدو الاشتراكية الحل لما ابتلي به الفلاحون.
وفي سنة 1956 نجد دعوة أخرى إلى تحطيم الرأسمالية وانتصار الاشتراكية في مسرحية يوسف إدريس "جمهورية فرحات". وفيها يروي البطل "فرحات" حلمه بجمهورية كاملة يتشارك الجميع. تحت ظلالها في الصحة والصحة والثروة والتعليم، فهو حلم بيوتو بيار ومانسية.
وفي ذلك الحين بدأ معروفاً في مصر أن يوسف إدريس يبحث عن نظام جديد، وحلم باشتراكية يتسنى في إطارها الحصول بسرعة على المساواة والديموقراطية والحرية والازدهار واحترام الذات والكرامة. وذهب إلى حد الانخراط في الحزب الشيوعي، ظناً منه أن هذه أسرع وسيلة لتحقيق حلمه" (يوسف إدريس والمسرح المصري الحديث، ص 139-140) .
قلت: ولأجل هذا فقد اصطبغت روايات وقصص يوسف إدريس بالصبغة الاشتراكية (في معظمها) ؛ من حيث ادعاء الوقوف مع الطبقة الكادحة والمظلومين، والإغراق في قصص الجنس ومحاولة ترويجه، والتعاطف مع البغايا والمومسات والواقعين في الحرام بأنواعه.
-مما لاحظه المتابعون على يوسف إدريس (تلونه) و (تقلبه خلف المصلحة). ومما يشهد لهذا :
أنه "في الخمسينيات والستينيات كان أحد رموز اليسار ثم وجدناه في عهد السادات الذي عادى اليسار وقصص جوانحه وجدناه يغير اتجاهه فكان أقرب ما يكون للتأييد.. لكنه بعد موت السادات ألف كتابه المصادر: (البحث عن السادات) ولا أدري لماذا لم ينشره في عهد (الرئيس) حتى ولو خارج مصر إن كان يؤمن بما قاله في كتابه!، وبعد عودة الأحزاب وجدناه يعود إلى ركاب (حزب الوفد) مؤيداً! (المجلة العربية، العدد 149).
ومن ذلك: أنه حينما يزور السعودية يكيل المديح لها كيلاً، لكننا نفاجأ أحياناً بتهجمات منه عليها، بلا مبرر، كما في كتابه (فقر الفكر وفكر الفقر) وكتاب (عزف منفرد) وكتاب (جبرتي الستينات، ص124 وما بعدها)
وقد اعترف هو بهذا التلون؛ وإن كان قد ادعى أنه يدور مع الحق !!، فهو لما سئل عن ما يلاحظ عليه من تقلب بين اليسارية والرأسمالية قال :"أنا أدافع عن الحق، ولو أن الرأسمالية معها حق فأنا بالتالي معها، ولو أن الاشتراكيين معهم حق فأنا معهم" ! (مجلة أكتوبر، العدد 658، نقلاً عن المجلة العربية، العدد 149).
[تحرير] انحرافاته
1-أعظم انحرافاته: أنه اتخذ من (الفكر الشيوعي الاشتراكي) أيدلوجية له في أعماله، ومعلومٌ الحكم الشرعي لهذه النحلة الخبيثة المعادية للإسلام وأهله، والداعية إلى أنواع كثيرة من المحرمات، على رأسها الكفر بالله، والاستهزاء بشرعه .
2-من انحرافاته: إغراقه الفاحش في الجنس وتصويره في قصصه ورواياته في صورة نظيفة أو مدافع عنها، مع التماس العذر للبغايا والمومسات والساقطات في قصصه.
يقول الدكتور عبد الحميد القط بأن إدريس :"يتخذ الجنس أداة لهدم كل قداسة تحيط بالقيم الاجتماعية السائدة التي يراها تتنافى مع روح العصر" ! (يوسف إدريس والفن القصصي، ص 154-155) .
ويقول :" نرى الكاتب كثيراً ما تصطبغ أعماله –وبخاصة القصصية- صبغة جنسية صارخة، حيث يتخذ من عنصر الجنس محوراً أساسياً تدور حوله القصة" (المرجع السابق، ص155) .
ويوسف إدريس يصور –كما سبق- سقوط البغايا والفاجرات بأنه سقوط حتمي نتيجة للظروف الاقتصادية ! مدافعاً عنه أشد الدفاع، ومتعاطفاً مع أصحابه.
يقول الدكتور القط: "إننا يجب أن نتوقف قليلاً عند موضوع "السقوط" عنده، لأنه موضوع متكرر، نراه في "قاع المدينة" 1958 وفي "الحرام" 1959، وفي "حادثة شرف" 1959 وفي "السيدة فينا" مجموعة "العسكري الأسود" 1962 وفي رواية "العيب،1962 وفي "الستارة" و"الغريب" مجموعة آخر الدنيا، و"في هذه المرة" في مجموعة "لغة الآي آي" وفي "النداهة"، و" العملية الكبرى"، و"دستور. . يا سيدة" مجموعة النداهة 1969، وفي "بيت من لحم" ، و"أكان لابد ياليلى أن تضيئي النور" ويلاحظ أن السقوط عنده يمثل حتمية طبيعية في بعض الأحيان مما يقربه من زولا ويبعده عن اتجاه الواقعيين إلى حد ما. وتتضح هذه الحتمية في قصة "النداهة" حيث تشعره المرأة أنها ستسقط لا محالة. فهي رغم تجنبها للأفندي تشعر بأن لحظة السقوط آتية لا ريب فيها. مما لا يتيح لها فرصة الحركة الحرة. ومما يجعلها تستسلم للأفندي، وإن كان ذلك الاستسلام يتم رغماً عنها. ولا تسقط المرأة عنده بإرادتها، إلا نادراً، بينما يغلب على السقوط أنه نوع من الاغتصاب. يظهر ذلك في قاع المدينة حيث تسقط "شهرت" مكرهة بعد أن حاول المستشار إغواءها: مراراً. ولكنها تحترف الدعارة بعد ذلك ، من تلقاء نفسها تحت وطأة الظروف الاقتصادية السيئة التي تمر بها.
وتسقط "عزيزة" في رواية "الحرام" مصادفة، ورغم إرادتها، بين أحضان محمد بن قمرين الذي تقاومه مقاومة عنيفة، عندما أراد العدوان عليها أول مرة، ولكنها تستسلم له في المرة الثانية. وتقاوم فاطمة في "حادثة شرف" غريب، ولكن المجتمع الفضولي المتطفل المحيط بها يهدر كرامتها، ويدفعها إلى السقوط. وتكون "سناء" في "العيب" شخصية متماسكة ومثالية. ولكن الظروف المحيطة بها تدفعها إلى السقوط دفعاً، أو بعبارة أدق تدفعها إلى الارتشاء دفعاً، فما تعيشه من أزمة اقتصادية، وعلاقة غير طبيعية في العمل مع زملائها، وزميلاتها، يدفعها في النهاية إلى الارتشاء ثم السقوط. لأنها تريد أن تتشبه بهم في فسادهم وسقوطهم وانحرافهم وتتضح الحتمية الطبيعية في سقوطها، وكأن المؤلف يقرر أن مثل تلك الظروف تؤدي حتماً إلى السقوط.
وفي "بيت من لحم" نلاحظ أن سقوط الفتاة "الوسطى" يعد سلوكاً طبيعياً في مثل ظروفها الاقتصادية والاجتماعية" (المرجع السابق، ص 152-153)
قلت: ومن ذلك أنه في رواية (الحرام) يهدف –كما يقول الدكتور القط- إلى أن "البشر جميعاً يرتكبون الحرام، فإن ظل سراً خفياً فلا جناح عليهم من ارتكابه، أما إذا ظهر فلا بد من تجريم مرتكبيه" (المرجع السابق، ص6).
ويقول أيضاً:" تتناول رواية (العيب) أثر العامل الاقتصادي على سلوك الأفراد بخاصة المرأة، فالبطلة "سناء" تتحول من إنسان نظيف له مبادئه وقيمه التي يعتز بها، إلى مجرد ساقطة. وقد كان موقفها من الرشوة يعتبر مؤشراً على مدى قبولها لمداعبات "الجندي" المبتذلة، والتي تمثل الجنس بكل وضوح، فعندما ترفض الرشوة، ترفض في الوقت نفسه محاولاته لإقامة علاقة عاطفية معها، وعندما تتورط في الارتشاء تعرض نفسها على الجندي عرضاً رخيصاً". (المرجع السابق، ص6)
أما رواية (قصة حب) فيصور فيها إدريس المرأة المتحررة من الشرع، بأجمل صورة وأبهاها، في شخصية (فوزية) المتحررة.
وكذلك فعل في روايته (البيضاء) عندما صور (سانتي) اليونانية الأصل مثالاً بهياً للمرأة العصرية المتحررة التي ينبغي على النساء محاكاتها في تصرفاتها العصرية مع صاحبها الطبيب (يحي)، حيث كانت وهي المتزوجة! "تذهب معه إلى شقته وتتحدث معه، وتشرب معه القهوة والسجائر، وتسمع منه ما يكتب لها من خطابات عاطفية، أو تقرأ هي ما كان يكتب لها من خطابات عاطفية، وتستمع معه إلى مقطوعات (موزارت) و(رحمانوف) وتناقشه في أمور كثيرة عامة، وهي واثقة من نفسها، دون خوف أو وجل، كأي صديق آخر" !! (مباهج الحرية في الرواية العربية، د. شاكر النابلسي، ص249).
ومع هذا كله –كما يزعم إدريس- حمت نفسها من السقوط مع صاحبها!!.
فهي دعوة إلى تهييج النساء على الاختلاط المحرم والتبذل مع الأجانب، بدعوى أن شخصية المرأة القوية وإرادتها هي التي تحميها من السقوط ومن أرادت عكس هذا، فلن تنفعها الاحتياطات التي يعملها المتشددون!!
وهو في روايته هذه –كما يقول شاكر النابلسي- :"يربط بين ضرورة الحرية الجنسية وبين الحرية العامة، كشرط من شروط الحرية الإنسانية العامة، ومنها حرية الوطن والمواطن في مختلف مجالات الحياة" (المرجع السابق، ص 252).
3-ومن انحرافاته: رده للأحاديث الصحيحة بعقله القاصر، فمن ذلك أنه رد حديث: "إذا وقع الذباب في إناء أحدكم" الذي رواه البخاري، وقال عنه: "هذا حديث غير علمي" !! (يوسف إدريس على فوهة بركان، محمود فوزي، ص44).
4-ومن انحرافاته: قوله "إنه لا يرى تطبيق الشريعة الإسلامية" ! ثم يقول معللاً "لكون من سيطبقها بشر، حتى ولو كانوا فقهاء فهم عرضة لأخطاء البشر وأهوائهم" !! (المجلة العربية، العدد 149).
5-ومن انحرافاته : قوله : في كتاب "جبرتي الستينات" :"أظننا جمعياً نعرف الأسطورة التي تقول إن سيدنا سليمان مات وهو واقف مرتكز على عصاه، ومع هذا بقيت الجن والإنس والحيوانات تعمل خوفاً منه واعتقاداً منها أنه لا يزال حياً" !! (ص 96).
وما يسميه أسطورة هو ما ذكره الله في كتابه العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه! قال تعالى عن سليمان عليه السلام (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته، فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين).
6-ومن انحرافاته : زيارته لما يسميه "العتبات المقدسة في النجف وكربلاء والكوفة" !! (المرجع السابق، ص 145). يفعل هذا مداهنة للرافضة، وتعاطفاً معهم. وسيأتي تعاطفه ومداهنته للنصارى! ، مما يشهد بخفه دين الرجل، وأنه لا يعرف ولاءً ولا براءً، إنما يسير خلف أهوائه وعقله.
7-ومن انحرافاته: ترحمه على النصراني (الكافر) سلامة موسى!! (كما في المرجع السابق، ص 68).
8-ومن انحرافاته: استجابته للنصراني "الأب!! ميخائيل زيادة" عندما كان يعالج في أمريكا، لما دعاه "للذهاب إلى الكنيسة المصرية يوم الأحد …. لكي يدعو لي الرب أن يأخذ بيدي" !! (مفكرة د.يوسف إدريس: الإرادة، ص28). ثم اعترف بأنه صلى صلاتهم ! ولكنه قرأ فيها "قل هو الله أحد" !! –نعوذ بالله من حاله-.
9-ومن انحرافاته : تشنيعه وذمه للجماعات الإسلامية، (كما في كتابه السابق، ص 161-162).
10-ومن انحرافاته: حزنه الشديد على وفاة الشيوعي الصيني الشهير (ماوتسي تونج)، وقوله عنه :"إن ماوتسي تونج كان أستاذي، أعظم أساتذتي على الإطلاق" !! (المرجع السابق، ص 195) .
بل إنه من جنونه بهذا الشيوعي نشر مقالاً في جريدة الأهرام بتاريخ 17/9/1976م بعنوان "المسلم … ماوتسي تونج" !! وقد ردت عليه مجلة المجتمع الكويتية -جزاهم الله خيراً- (انظر: المجتمع، عدد 320).
11-ومن انحرافاته : قوله :"التراث سخيف، وليس فيه شيء للقراءة" "يجب أن نحرق كتب التراث؛ لأنها كلها تخريفات وزخارف لغوية" !! (مقابلة مع مجلة البلاغ البيروتية، نقلاً عن مجلة المجتمع، العدد 183، وقد ردت عليه مشكورة).
12-ومن انحرافاته : قوله في المقابلة السابقة: "إن الكاتب هو نبي العصر الحديث، وكل الأنبياء كانوا كتاباً" !!
[تحرير] ملحق في رد البهنساوي عليه:
قال المستشار سالم البهنساوي في كتابه (تهافت العلمانية في الصحافة العربية) (ص 231-233): "نشرت جريدة الأهرام مقالاً للدكتور "يوسف إدريس" بعنوان "جولة في عقول القراء" وذلك بتاريخ 5/1/1985.
وهذا المقال ذكر فيه لب الخلاف حول تطبيق الشريعة الإسلامية فقال: (لب الموضوع أن أحداً لا ينادي أبداً بعدم تطبيق الشريعة الإلهية الإسلامية، إنه يكون مجنوناً لو فعل ذلك، فالشرائع السماوية كلها وعلى رأسها الإسلام؛ فوق أنها أمر الله سبحانه وتعالى، إلا أنها لم تأت إلا لتقيم العدل السياسي بمبدأ الشورى، والعدل الاقتصادي بمبدأ الزكاة، والعدل الاجتماعي بالمساواة التامة بين البشر. من هو المجنون الذي يعترض على شريعة الله؟ ).
ثم قال (إنما المشكلة أن الشريعة حقاً وصدقاً شريعة الله ولكن من يطبق تلك الشريعة؟ أليسوا هم البشر) وانتهى إلى أن نقد أقوال هؤلاء لا تعني الاعتراض على شريعة الله؛ لأن هؤلاء بشر يخطئون ويصيبون ليست لهم عصمة.
ولقد ضرب مثلاً لذلك بالخلاف في تطبيق مبدأ الشورى أو الديمقراطية، فقال الدكتور يوسف إدريس:
أ- يرى الأستاذ "خالد محمد خالد" حتمية تطبيق الديمقراطية حتى تكون الأمة هي مصدر السلطات.
ب- وقال: يجيء شيخنا الكبير الأستاذ "عمر التلمساني" ليعطي تفسيراً مختلفاً باعتبار أن فكرة الديمقراطية نفسها فكرة غير إسلامية.
ج- ثم قال: إن الأستاذ "عمر عبد الرحمن" يرى شيئاً ثالثاً مختلفاً تماماً فيقول إن الأمة ليست مصدر السلطات.
وانتهى الدكتور يوسف من ضربه لهذه الأمثال ولما يعرض في البرامج الدينية في التلفزيون والإذاعة، انتهى إلى أنه اكتشف أن غسيلاً يجري للمخ العربي والمصري حول المفاهيم الشرعية، ونادى بعلاج هذه الظاهرة ونقدها لأن البشر الذين يطبقون الشريعة لا يتنـزل عليهم الوحي من السماء حتى يكون رأيهم هو حكم الله الذي لا اعتراض عليه.
الخلاف الرفيع وتحديد المفاهيم([2]) :
لهذا وإذا قمنا نساهم في هذا الحوار فيجب أن نحدد سبب الخلاف، وأن نقبل جميعاً الحوار العلمي ورحم الله الإمام الشافعي إذ يقول: رأينا صواب يحتمل الخطأ ورأى غيرنا خطأ يحتمل الصواب.
إن الخلاف القائم بين العلماء المعاصرين حول موقف الإسلام من النظام الديمقراطي، ليس نابعاً في حقيقته من عدم وضوح الحكم الإسلامي في هذه المسألة، بل نبع الخلاف من اختلاف هؤلاء في أمر الديمقراطية نفسها، ولهذا يُقرر فقهاء الأصول في الفقه الإسلامي قاعدة هامة هي أن الحكم على الشيء فرع من تصوره.
أ- لهذا فمن تصور الديمقراطية من جانب واحد هو أنها تخول أغلبية النواب الحق في إصدار التشريع الذي يرونه، حتى لو أباح الزنا والشذوذ كما هو كائن في بعض العواصم الأوروبية من تصور ذلك قال: إن الديمقراطية تتعارض مع الإسلام حيث أن أحكام الحلال والحرام وردت قطعية في القرآن والسنة ولا يحل التغيير والتبديل فيها حيث قال الله تعالى (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم)([3]).
ب- أما من تصور الديمقراطية من جانبها الآخر، وهو أنها تخول الشعب عن طريق نوابه حق تعيين الحاكم ومحاسبته وعزله وحق إصدار القوانين فيما لا يتعارض مع الدستور الإسلامي، فقال إن الديمقراطية نظام إسلامي واستند في ذلك إلى قول الله تعالى (وأمرهم شورى بينهم) ([4]) وإلى قول النبي صلى الله عليه وسلم "لا يحل لثلاثة نفر يكونون بأرض فلاة إلا أمروا عليهم أحدهم"([5]) وهذا الخلاف لا وجود له في ظل الدستور الذي ينص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع؛ لأن من قواعد النظام الديمقراطي، قاعدة دستورية القوانين، ومن مقتضاها عدم جواز إصدار قانون يخالف الدستور، وعدم جواز إصدار لائحة أو قرار يخالف القانون ولا يخفى على أولي الفقه والرأي أن كل أمة وكل شعب يضع لنفسه مقومات أساسية، ليتضمنها دستور هذه الأمة الذي يلتزم به النواب والحكام والقضاة، فلا يجوز إصدار ما يخالفه، ولهذا فالدول التي اختارت الماركسية مذهباً اجتماعياً يحظر دستورها إصدار قانون يخالف هذا المذهب. والدول التي اختارت المذهب الرأسمالي، يتضمن دستورها نصاً يحظر إصدار قوانين تخالف هذا المذهب أي تغير المجتمع ليصبح شيوعياً.
وعلى هذا الأساس فاختيار الديمقراطية في المجتمع الإسلامي يكون مسبوقاً بدستور ينص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، ويحدد حقوق الأمة وحقوق الحاكم وواجباته بما لا يخرج عن القواعد المجمع عليها بين فقهاء المسلمين، ومن بينها أن المال في الإسلام وظيفة اجتماعية فليس لأصحابه الحق المخول لنظرائهم في النظم الرأسمالية ولهذا فرض الإسلام الزكاة وحرم الاحتكار، وحمى حقوق الفقراء والمستضعفين في المال العام، وهذا ما عبّر عنه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله "لا حمى إلا لله ولرسوله"، كما جعل الإسلام في المال حقوقاً أخرى غير الزكاة حسبما فصله الفقهاء المسلمون.
ومن هذه القواعد أن تطبيق الإسلام لا يبدأ بالحدود وإنما يسبقه توفير المأكل والملبس والمسكن للمواطنين، وتوفير سبل تكوين الأسرة، ولهذا لم يقم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بإقامة الحد على اثنين من العمال سرقا من مال مخدومهما لأنه لم يوفر لهما سبل العيش مما اضطرهما للسرقة.
وأمير المؤمنين لم يوقف حد السرقة كما يفهم البعض خطأ، بل طبق الشروط والموانع الشرعية بالتالي إعمالاً لهذه الموانع لم يطبق الحد على هؤلاء" انتهى.
[تحرير] مراجع
([1]) نقلاً عن (أعلام الأدب العربي المعاصر) لروبرت كامبل (2/233-237)
([2]) نشر هذا المقال في جريدة اللواء الأردنية بتاريخ 26/5/1987 بعد أن ظل لدى الدكتور يوسف إدريس أكثر من عام وبعد أن رفضت بعض الصحف الكويتية نشره، ولكن الدكتور يوسف إدريس في مقاله المنشور بالأهرام يوم 8/2/1988 ذكر أنه كان يعترض على الآراء المؤدية إلى نبذ العلم والتكنولوجيا، وأن ما شاهده من أعمال شباب الجماعات الإسلامية يجعله يقول: اللهم إن كان التيار الإسلامي هكذا، فأنا أول المنضمين إليه، فإذا شئتم حزباً يبشر بهذا ويعمل به، يخاطب العقل فينا وينهرنا عن الغوغائية فخذوني معكم" .
([3]) الأحزاب (36).
([4]) الشورى (38).
([5]) سنن أبي داود الحديث 2608، 2609.