من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
الحسن بن هانئ الحكمي شاعر عربي من أشهر شعراء العصر العباسي. يكنى بأبي علي و أبي نؤاس و النؤاسي.
في الأهواز جنوب غربي إيران لأمٍ فارسية الأصل و المرجح أن والده كان من جند مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية.
توفي والده فانتقلت به أمه من الأهواز إلى البصرة في العراق ، و هو في السادسة من عمره ، و عندما أيفع وجهته إلى العمل في حانوت عطار. ثم انتقل من البصرة إلى الكوفة ، و لم تذكر لنا كتب التاريخ سبب ذلك ، غير أنه التقى والبة بن الحباب الأسدي الكوفي فرافقه إليها. و صحب جماعةً من الشعراء الماجنين كمطيع بن إياس و حماد عجرد. ثم انتقل إلى بادية بني أسد فأقام فيهم سنةً كاملةً آخذاً اللغة من منابعها الأصيلة. ثم عاد إلى البصرة و تلقى العلم على يد علمائها أدباً و شعراً.
و لم يقتصر طلبه العلم على الشعر و الأدب بل كان يدرس الفقه و الحديث و التفسير حتى قال فيه ابن المعتز في كتابه ’طبقات الشعراء‘ : "كان أبو نواس ٍ عالماً فقيهاً عارفاً بالأحكام و الفتيا ، بصيراً بالاختلاف ، صاحب حفظٍ و نظرٍ و معرفةٍ بطرق الحديث، يعرف محكم القرآن و متشابهه ، و ناسخه و منسوخه."
و في البصرة شغف أبو نواسٍ بجاريةٍ تدعى ’جَنان‘ و غناها بشعرٍ كثيرٍ يعبر عن عمق شعوره نحوها. و قد قصد أبو نواسٍ بغداد و امتدح الرشيد و نال مكانةً مرموقةً لديه ، و لكنه ـ أي الرشيد ـ كان كثيراً ما يحبسه عقاباً له على ما يورد في شعره من المباذل و المجون. و قد أطال الرشيد حبسه حتى عفا عنه بشفاعةٍ من البرامكة الذين كان أبو نواسٍ قد اتصل بهم و مدحهم. و لعل صلته الوثيقة بهم هي التي دفعته إلى الفرار حين نكبهم الرشيد فيما عرف فيما بعد بنكبة البرامكة.
ذهب أبو نواسٍ إلى دمشق ثم إلى مصر متجهاً إلى الفسطاط ، عاصمتها يومذاك ، و اتصل بوالي الخراج فيها الخصيب بن عبد الحميد فأحسن وفادته و غمره بالعطاء فمدحه بقصائد مشهورة.
توفي هارون الرشيد و خلفه ابنه الأمين ، فعاد أبو نواسٍ إلى بغداد متصلاً به ، فاتخذه الأمين نديماً له يمدحه و يُسمعه من طرائف شعره. غير أن سيرة أبي نواسٍ و مجاهرته بمباذله جعلتا منادمته الأمين تشيع بين الناس. و في نطاق الصراع بين ابني الرشيد ، الأمين و المأمون ، كان خصوم الأمين يعيبون عليه اتخاذ شاعرٍ خليعٍ نديماً له، و يخطبون بذلك على المنابر ، فيضطر الأمين إلى حبس شاعره. و كثيراً ما كان يشفع الفضل بن الربيع له لدى الخليفة فيخرجه من سجنه. و عندما توفي الأمين رثاه أبو نواسٍ بقصائد تنم عن صدق عاطفته نحوه.
لم يلبث أبو نواسٍ أن توفي قبل أن يدخل المأمون بغداد و قد اختلف في مكان وفاته أهي في السجن أو في دار إسماعيل بن نوبخت. و قد اختلف في سبب وفاته و قيل إن إسماعيل هذا قد سمه تخلصاً من سلاطة لسانه.
- أهم ما في شعر أبي نواس, "خمرياته التي حاول أن يضارع بها الوليد يزيد أو عدي بن يزيد بطريق غير مباشر اللذين اتخذهما مثالاً له. و قد حذا بنوع خاص حذو معاصره حسين بن الضحاك الباهلي الذي لا شك أننا لا نستطيع أن نجد بينه و بين أبي نواس فوارق روحية.
- أما مدائحه فتبدو فيها الصناعة بوضوح قليلة القيمة.
- أما رثاؤه فتجد فيها عاطفة عميقة و حزناً مؤثرا يجعلنا نفتقر بعض ما فيها من نقائص كالتكفل في اللغة والمبالغة المعهودة في الشرق.
- أما في أشعاره الغزلية ففيها من العاطفة والشاعرية الصادقة بقدر ما فيها من الإباحية و التبذل
ويجب أن نذكر إلى جانب زهدياته أشعاره عن الصيد التي تبدو مبتكرة عند النظرة الأولى ولمن لا بد أن له في هذا الضرب من الشعر أسلافا نسج على منوالهم.
و كان واحداً من أعلام الشعوبية.
لقد جمع ديوان أبي نواس كثيرون منهم الصولي المتوفى عام 338هجري (946م) جمعه في عشرة فصول, و حمزة بن الحسن الأصفهاني ، ونسخة هذا الأخير أكثر سعة, وأقل تحقيقا ، وقد جمعها المهلهل بن يموت بن مزرد الذي كان على قيد الحياة حوالي عام 332هجري (943م) برسالة عنوانها "سرقات أبي نواس"
[تحرير] آراء بعض الرواة في شعر أبي نواس
(( ذهبت اليمن بجيد الشعر في قديمه حديثه ب امرئ القيس في الأوائل, و أبي نواس في المحدثين)).
- قال عبيد الله بن محمد بن عائشة :
((من طلب الأدب فلم يرو شعر أبي نواس فليس بتام الأدب)).
- كما قال أبو نواس عن نفسه:
((لو أن شعري يملؤ الفم ما تقدمني أحد)).
((أشعاري في الخمرة لم يقل مثلها, و أشعاري في الغزل فوق أشعار الناس, وأجود شعري إن لم يزاحم غزلي, ما قلته في الطرد (الصيد). ))
[تحرير] مختارات من شعر أبي نواس
أموت ولا تدري وأنت قتلتني |
|
ولو كنت تدري كنت، لا شك، ترحمُ |
أهابـك أن أشكـو إليك صبابتـي |
|
فــلا أنا أبــديــها ولا أنت تــعــلــمُ |
لسانــي و قلبـي يكتمان هواكـمُ |
|
ولكـــن دمعــي بالهــوى يتكلـــــــمُ |
وإن لم يبح دمعي بمكنون حبكم |
|
تكــلـم جسمــي بالنحول يترجــــــمُ |
ومستــعبـدٍ إخوانـَه بثـرائــه |
|
لبـستُ له كبـراً لأبرَّ على الكبـرِ |
إذا ضمَّـني يومـاً و إياه محفِــلٌ |
|
رأى جانبـي وعراً يزيـد على الوعر ِ |
أخالـفـه في شكـلـه، و أجـِرُّه |
|
على المنـطق المنـزور و النظر الشزر ِ |
و قد زادني تيهاً على الناس أنني |
|
أرانيَ أغنـاهم و إن كنتُ ذا فـقـر ِ |
فوالله لا يـُبـدي لســانيَ حاجــةً |
|
إلى أحـدٍ حتـى أٌغَيـّبَ في قبـري |
فلا تطمعــنْ في ذاك مـنيَ سُوقـةٌ |
|
ولا ملكُ الدنيـا المحجبُ في القصـر ِ |
فلو لم أرث فخراً لكانت صيـانتي |
|
فمي عن سؤال الناس حسبي من الفخر ِ |
تتيه الشمـس و القمـر المنيـر |
|
إذا قـلنـا كـأنـهـمـا الأميـر |
فإن يـــكُ أشبـها منه قـليلاً |
|
فـــقد أخطاهــــما شبهٌ كــثيرُ |
لأن الشمـس تغرب حين تمسي |
|
و أن البدر ينقــصه الـمسيــرُ |
و نور مـحمدٍ أبداً تمـامٌ |
|
على وَضَــح ِالطـريقـةِ لا يـحـورُ |
ملكتَ على طير السعادة واليمنِ |
|
و حزتُ إليـكَ الملكَ مقتبـل السن ِ |
لقد طـابت الدنيـا بطيب محمدٍ |
|
و زيـدتْ به الأيـامُ حسناً إلى حسن ِ |
ولو لا الأمين بن الرشيد لما انقضت |
|
رحى الدين، والدنيا تدور على حزن ِ |
لقد فك أغـلال العنـاة محمـدٌ |
|
وأنزل أهل الخـوف في كنف الأمن ِ |
إذا نحن أثنيـنا عليـك بصـالح ٍ |
|
فأنت كما نـثني، وفوق الذي نـثني |
وإن جرت الألفـاظ يوماً بمدحةٍ |
|
لغيـرك إنسـاناً، فأنت الذي نعـني |
[تحرير] الزهد والتوبة
يا رب إن عظمـت ذنوبي كـثرةً |
|
فلقـد علمتُ بأن عـفوك أعظمُ |
إن كان لا يرجـوك إلا محســــنٌ |
|
فبمن يـلوذ و يستجيـر المجرمُ |
أدعـوك رب كما أمرتَ تـضرعـاً |
|
فإذا رددتَ يدي فمن ذا يرحمُ |
مالي إليك وسيلةٌ إلا الرجـــا |
|
وجـــميل عفوك ثم إني مسلمُ |