معتزلة
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
جزء من سلسلة تاريخ الإسلام |
العقائد و العبادات |
قائمة الشخصيات الإسلامية |
نصوص و تشريعات |
فرق إسلامية |
مذاهب إسلامية |
علم الكلام و الفلسفة |
المعتزلة· الأشاعرة |
حضارة الإسلام |
الفن · العمارة |
مساجد |
مدن إسلامية |
انظر أيضا |
مصطلحات إسلامية |
فرقة كلامية ظهرت في بداية القرن الثاني الهجري(80هـ- 131هـ) في البصرة (في أواخر العصر الأموي) وقد ازدهرت في العصر العباسي [1].
اعتمدت المعتزلة على العقل في تأسيس عقائدها، وهذه الفرقة تقول بأنّ العقل والفطرة السليمة قادران على تمييز الحلال من الحرام بشكل تلقائي.ولقد ناضلت من اجل نشر الاسلام الصحيح الذي يعتمد على افعال الانسان ومسؤوليته عنها, ولذلك قام بمعاداتها علماء الدين المستفيدين من عطاءات الحكام. ومن أشهر اتباعها الجاحظ، الخليفة العالم المأمون، والرازي، وكذلك الامام الغزالي قبل ان يغير موقفه لاسباب مجهوله ويصبح من ألد أعدائها.
ان أول ظهور للمعتزلة كان في البصرة في العراق ثم انتشرت افكارهم في مختلف مناطق الدولة الاسلامية كخراسان وترمذ واليمن والجزيرة العربية والكوفة وارمينيا اضافة إلى بغداد.
ان تأكيد المعتزلة على التوحيد وعلى العدل الاجتماعي اعطاهم أهمية كبرى لدى الناس في عصر كثرت فيه المظالم الاجتماعية وكثر فيه القول بتشبيه وتجسيم الذات الالهية.
فهرس |
[تحرير] تأسيسها وتسميتها
إختلف العلماء التاريخ في أسباب تأسيس مذهب المعتزلة. واتجهت رؤية العلماء إلى:
- سبب ديني : الإعتزال حدث بسبب إختلاف في بعض الأحكام الدينية كالحكم على مرتكب الكبيرة. ويعتقد العلماء المؤيدين لهذه النظرية أن سبب التسمية هي:
-
-
- اعتزال واصل بن عطاء عن شيخه الحسن البصري في مجلسه العلمي في الحكم على مرتكب الكبيرة، وكان الحكم أنه مؤمن فاسق. وتقول الرواية أن واصل بن عطاء لم ترقه هذه العبارة وقال هو في (منزلة بين منزلتين), أي لا مؤمن ولا كافر. وبسبب هذه الإجابة اعتزل مجلس الحسن البصري وكوّن لنفسه حلقة دراسية وفق ما يفهم ويقال حين ذاك أن الحسن البصري أطلق عبارة (اعْتزِلنا واصل). [1]
-
- سبب سياسي : لأنهم من شيعة علي بن أبي طالب وقد اعتزلوا الحسن عندما تنازل لمعاوية. أو أنهم كانوا محايدين بين شيعة علي ومعاوية فاعتزلوا الفريقين. [1]
- ويعتقد بعض العلماء أن الداعي لظهور هذه الفرقة ظرف حضاري أو تاريخي لأن الإسلام عند نهاية القرن الأول كان قد توسع ودخلت أمم عديدة وشعوب كثيرة في الإسلام ودخلت معها ثقافات مختلفة ودخلت الفلسفة ولم يعد المنهج النصي التقليدي النقلي يفي في حاجات المسلمين العقلية في جدالهم. والمنهج الذي يصلح لذلك هو المنهج الطبيعي العقلي والذي سيصبح أهم المذاهب الكلامية من الناحية الخالصة فهو أكثر المذاهب إغرقا وتعلقا بالمذهب العقلاني.
[تحرير] العقائد والأفكار
بدأت المعتزلة بفكرة أو بعقيدة واحدة، ثم تطور خلافها فيما بعد، ولم يقف عند حدود تلك المسألة، بل تجاوزها ليشكل منظومة من العقائد والأفكار، والتي في مقدمتها الأصول الخمسة الشهيرة التي لا يعد معتزليا من لم يقل بها، ونبتدئ بذكر الأصول الخمسة:
1- التوحيد: ويعنون به إثبات وحدانيته سبحانه ونفي المثل عنه، وأدرجوا تحته نفي صفات الله سبحانه، فهم لا يصفون الله إلا بالسلوب، فيقولون عن الله: لا جوهر ولا عرض ولا طويل ولا عريض ولا بذي لون ولا طعم ولا رائحة ولا بذي حرارة ولا برودة.. إلخ، أما الصفات الثبوتية كالعلم والقدرة فينفونها عن الله سبحانه تحت حجة أن في إثباتها إثبات لقدمها، وإثبات قدمها إثبات لقديم غير الله، قالوا: ولو شاركته الصفات في القدم الذي هو أخص الوصف لشاركته في الألوهية، فكان التوحيد عندهم مقتضيا نفي الصفات.
2- العدل: ويعنون به قياس أحكام الله سبحانه على ما يقتضيه العقل والحكمة، وبناء على ذلك نفوا أمورا وأوجبوا أخرى، فنفوا أن يكون الله خالقا لأفعال عباده، وقالوا: إن العباد هم الخالقون لأفعال أنفسهم إن خيرا وإن شرا، قال أبو محمد بن حزم:" قالت المعتزلة: بأسرها حاشا ضرار بن عبد الله الغطفاني الكوفي ومن وافقه كحفص الفرد وكلثوم وأصحابه إن جميع أفعال العباد من حركاتهم وسكونهم في أقوالهم وأفعالهم وعقودهم لم يخلقها الله عز وجل ". وأوجبوا على الخالق سبحانه فعل الأصلح لعباده، قال الشهرستاني:" اتفقوا - أي المعتزلة - على أن الله تعالى لا يفعل إلا الصلاح والخير، ويجب من حيث الحكمة رعاية مصالح العباد وأما الأصلح واللطف ففي وجوبه عندهم خلاف وسموا هذا النمط عدلا "، وقالوا أيضا بأن العقل مستقل بالتحسين والتقبيح، فما حسنه العقل كان حسنا، وما قبحه كان قبيحا، وأوجبوا الثواب على فعل ما استحسنه العقل، والعقاب على فعل ما استقبحه.
3- المنزلة بين المنزلتين: وهذا الأصل يوضح حكم الفاسق في الدنيا عند المعتزلة، وهي المسألة التي اختلف فيها واصل بن عطاء مع الحسن البصري، إذ يعتقد المعتزلة أن الفاسق في الدنيا لا يسمى مؤمنا بوجه من الوجوه، ولا يسمى كافرا بل هو في منزلة بين هاتين المنزلتين، فإن تاب رجع إلى إيمانه، وإن مات مصرا على فسقه كان من المخلدين في عذاب جهنم.
4- الوعد والوعيد: والمقصود به إنفاذ الوعيد في الآخرة على أصحاب الكبائر وأن الله لا يقبل فيهم شفاعة، ولا يخرج أحدا منهم من النار، فهم كفار خارجون عن الملة مخلدون في نار جهنم، قال الشهرستاني:" واتفقوا - أي المعتزلة - على أن المؤمن إذا خرج من الدنيا على طاعة وتوبة استحق الثواب والعوض. وإذا خرج من غير توبة عن كبيرة ارتكبها استحق الخلود في النار لكن يكون عقابه أخف من عقاب الكفار وسموا هذا النمط وعدا ووعيدا".
5- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: وهذا الأصل يوضح موقف المعتزلة من أصحاب الكبائر سواء أكانوا حكاما أم محكومين، قال الإمام الأشعري في المقالات :" وأجمعت المعتزلة إلا الأصم على وجوب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر مع الإمكان والقدرة باللسان واليد والسيف كيف قدروا على ذلك" فهم يرون قتال أئمة الجور لمجرد فسقهم، ووجوب الخروج عليهم عند القدرة على ذلك وغلبة الظن بحصول الغلبة وإزالة المنكر.
هذه هي أصول المعتزلة الخمسة التي اتفقوا عليها، وهناك عقائد أخرى للمعتزلة منها ما هو محل اتفاق بينهم، ومنها ما اختلفوا فيه، فمن تلك العقائد :
6- نفيهم رؤية الله عز وجل: حيث أجمعت المعتزلة على أن الله سبحانه لا يرى بالأبصار لا في الدنيا ولا في الآخرة، قالوا لأن في إثبات الرؤية إثبات الجهة لله سبحانه وهو منزه عن الجهة والمكان، وتأولوا قوله تعالى:{وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة} أي منتظرة .
7- قولهم بأن القرآن مخلوق: وقالوا إن الله كلم موسى بكلام أحدثه في الشجرة.
8- نفيهم علو الله سبحانه، وتأولوا الاستواء في قوله تعالى: "الرحمن على العرش استوى" بالاستيلاء .
9- نفيهم شفاعة النبي لأهل الكبائر من أمته. قال الإمام الأشعري في المقالات: "واختلفوا في شفاعة رسول الله هل هي لأهل الكبائر فأنكرت المعتزلة ذلك وقالت بإبطاله".
10- نفيهم كرامات الأولياء، قالوا لو ثبتت كرامات الأولياء لاشتبه الولي بالنبي.
[تحرير] أولا: التوحيد
لمبدأ التوحيد مفهوم خاص عند المعتزلة, و هو يعني لهم:
- التنزيه المطلق: "ليس كمثله شيء" لا تشبيه ولا تجسيم وتنزيه الله تعالى عن أن يكون مثل الأجسام أو الموجودات الحسية ونفي أي تشبيه بين المخلوقات والله، والآيات التي تفيد التشبيه لا يقبلها المعتزلة على ظاهرها بل يقومون بتأويلها مثل "ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام" نخرج المعنى الظاهر لكلمة (وجه) ونقول أن المقصود بها الذات.
- التوحيد بين الذات والصفات: الله ذات ووجود وهذا الوجود يتصف بصفات ذكرها الله في كتابه وصف الله بها نفسه بأنه عالم، كبير، قدير، سميع، خالق، بصير.
ويعتبر المعتزلة هذه الصفات مضافة للذات، مثلا: الإنسان لا يولد عليم ثم يصبح عليم، المعتزلة يقولون أن هذه الصفات ليست زائدة عن الذات إنما هي عين ذات الإلهية (العلم – القدرة – الإرادة – الحياة – السمع – البصر – *الكلام) سبع صفات للذات.
-
- صفة الذات
- هي الصفة التي لا يجوز أن أصف الله تعالى بها وبضدها فلا يجوز أن أصف الله بالجاهل×عالم، ولا بالعاجز×قادر الخ..
- صفات الفعل
- يجوز أن يوصف الله تعالى بضدها مثل الرزاق فأحيانا يرزق وأحيانا يمنع الرزق، والمعتزلة يقولون أن *الكلام صفة الفعل وليست صفات الذات.
يقول المعتزلة أن صفات الله الستة لا تنفصل عن الذات وإنما هي عين الذات الإلهية. سميع بسمعه وسمعه هو عين ذاته، بصير ببصره وبصره هو عين ذاته وهكذا... لأنه إذا قلنا أن الصفات ليست عين الذات فمعنى ذلك أن هناك تعدد و تجزؤ في الذات الإلهية و هذا لا يجوز في رأي المعتزلة لأنه في رأيهم شرك لأنه عندي ذات قديمة وصفات هي عين الذات ومعنى ذلك أننا نقع في الشرك ونقول قولا أفظع من قول النصارى في الله. والخروج من هذا المأزق بالتوحيد بين الذات و الصفات فصفة العلم هي الذات نفسها، وخصوم المعتزلة يسمونهم المعطلة أو أهل التعطيل أي عطلوا أن يكون للصفات وجود متمايز. الشيعة والخوارج والإباضية أخذوا بهذا المبدأ، وهذا هو معنى التوحيد عند المعتزلة ويترتب على هذا المذهب بعض المواقف العقيدية مثل نفي رؤية الله لا فالدنيا ولا فالآخرة. "وجوه يوم إذن ناضرة إلى ربها ناظرة". إلى ليست حرف جر بل تعني النعمة/ ناظرة أي تنتظر تمشيا مع مبدأ التنزيه فإذا رؤي الله بالأبصار فهو جسم.
[تحرير] ثانيا: العدل
و العدل مبدأ هام في فكر المعتزلة لأنهم يربطون بين صفة العدل الأفعال الإنسانية ويرون أن الإنسان حر في أفعاله وهم يقولون ذلك لكي ينقذوا التكليف الشرعي لأن الإنسان المسلم مكلف شرعيا والإنسان مسئول عن هذه الأفعال حتى يستقيم التكليف ويكون الثواب عدلا والعقاب عدلا. خلافا للجبرية الذين يعتقدون أن الأفعال من خلق الله والإنسان مجبور عليها. إلا أن المعتزلة ترى أن عدل الله يقتضي أن يكون الإنسان هو صاحب أفعاله. يترتب على القول بالعدل الإلهي بأن الله لا يفعل الشر فأفعال الله كلها حسنة وخيرّة، الشر إما أن يوجد من الإنسان، أو لا يكون شرا إنما لا نعرف أسبابها، أو لا نستطيع أن نجد لها مبرر لكنها ليست شرا.
يقول المعتزلة أن الله يفعل ما هو الأصلح لعباده و لا يمكن أن يفعل الشر لعباده. ويتمثل المعتزلون الذات الإلهية خيرا مطلقا، ويقولون باللطف الإلهي أن الله يهدي الناس إلى ما فيه الخير لطفا بهم.القول بالحسن والقبح الذاتيين أو العقليين، والمقصود بها أفعال الإنسان الحسنة وأفعال الإنسان القبيحة. مثلا الصلاة فعل حسن، التصدق فعل حسن، إطعام المسكين فعل حسن.../ الزنا فعل قبيح، الاعتداء.. أفعال سيئة قبيحة.
و بالنسبة لتحديد ما إذا كان الفعل حسن أو قبيح, هناك إتجاهان, الأول يقول (أن الشرع قد أخبرني ذلك) يجعل الأفعال حسنة (الشرع أخبرني عن ذلك) يجعل الأفعال قبيحة إذن الإخبار الشرعي هو المعيار و هذا مبدأ التيار السلفي النقلي الذي يأخذ بظاهر النصوص. والإتجاه آخر يمثله التيار العقلي يقول أن العقل هو المسئول.
يترتب على مبدأ العدل أيضا القول بخلق القرآن، فالقرآن كلام الله تعالى والكلام صفة من صفات الله فالله متكلم وكلم موسى تكليما وصفة الكلام هي إحدى الصفات التي يعتبرها بعض المسلمين صفات ذات (صفة الذات هي صفة يوصف الله بها ولا يجوز أن يوصف بضدها مثل الحياة والإرادة). ويعتقدون أن كلام الله مخلوق أو حادث أي أنه وجد بعد لم يكن موجودا وتكلم الله به بعد لم يكن متكلما.
الخليفة المأمون فرض القول بخلق القرآن وطلب من الجميع أن يقروا بذلك و اعتبر القول بقدم الذات الإلهية ضرب من الشرك المضاد للتوحيد.
[تحرير] ثالثا: المنزلة بين منزلتين
حكم الفاسق في الدنيا ليس بمؤمن ولا بكافر. فيظل على هذا الحال فإن تاب أصبح مؤمن وإن لم يتب حتى موته يخلد في النار. ينسب إلى الرواقيين التمييز بين قيمة الخير وقيمة الشر ويقولون هناك أشياء خيره وأشياء شريرة وأشياء بين البينين. وهذه هي فكرة المعتزلة بالقول بمنزلة بين منزلتين إذ تأثروا بالرواقيين وقد تشكل الإعتزال كمذهب في القرن الثاني.
والسبب فيه انه دخل رجل على الحسن البصري فقال يا امام الدين لقد ظهرت في زماننا جماعة يكفرون اصحاب الكبائر والكبيرة عندهم كفر يخرج به عن الملة وهم وعيدية الخوارج وجماعة يرجئون اصحاب الكبائر والكبيرة عندهم لا تضر مع الايمان بل العمل على مذهبهم ليس ركنا من الايمان ولا يضر مع الايمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة وهم مرجئة الامة فكيف تحكم لنا في ذلك اعتقادا. فتفكر الحسن في ذلك وقبل ان يجيب قال واصل بن عطاء انا لا اقول ان صاحب الكبيرة مؤمن مطلقا ولا كافر مطلقا بل هو في منزلة بين المنزلتين لا مؤمن ولا كافر ثم قام واعتزل إلى اسطوانة من اسطوانات المسجد يقرر ما اجاب على جماعة من اصحاب الحسن فقال الحسن اعتزل عنا واصل فسمى هو واصحابه معتزله.
ووجه تقريره انه قال ان الايمان عبارة عن خصال خير اذا اجتمعت سمى المرء مؤمنا وهو اسم مدح والفاسق لم يستجمع خصال الخير ولا استحق اسم المدح فلا يسمى مؤمنا وليس هو بكافر مطلقا ايضا لان الشهادة وسائر اعمال الخير موجودة فيه لا وجه لانكارها لكنه اذا خرج من الدنيا على كبيرة من غير توبة فهو من اهل النار خالد فيها اذ ليس في الاخرة الا فريقان فريق في الجنة وفريق في السعير لكنه يخفف عنه العذاب وتكون دركته فوق دركة الكفار.
[تحرير] المعتزلة في العصر الحديث
ظهرت عدة محاولات لاحياء فكر المعتزلة في مواجهة التردي الذي تعيشه الأمة الاسلامية. ولكن معظم هذه المحاولات كانت تعاني من التأئر بالفكر الغربي. وبالتالي بدت هذه المحاولات وكأنها تلحق الحضارة الاسلامية بالحضاره الغربية. ولكن جهود الشيخ أمين نايف ذياب (1931-2006) أدت إلى بعث الاعتزال كفكر سياسي شعبي نابع من حضارة الاسلام.
[تحرير] فرق المعتزلة
عادةً ما تبدأ الفرق في عددها وأفكارها صغيرة ثم ما تلبث أن تتشعب وتتفرق، فتصبح الفرقة فرقاً والشيعة شيعاً، وهكذا كان الحال مع المعتزلة فقد بدأت فرقة واحدة ذات مسائل محدودة، ثم ما لبثت أن زادت فرقها، وتكاثرت أقوالها وتشعبت، حتى غدت فرقا وأحزابا متعددة، ونحاول في هذا المبحث أن نذكر بعضا من تلك الفرق، ونقدم موجزاً تعريفياً بها وبمؤسسها، مع ذكر بعض أقوالها التي شذت بها عن أصحابها المعتزلة، فمن فرق المعتزلة:
1- الواصلية: وهم أصحاب أبى حذيفة واصل بن عطاء الغزال، كان تلميذا للحسن البصري يقرأ عليه العلوم والأخبار، ثم فارقه بسبب خلافه معه في مسألة مرتكب الكبيرة، وقول واصل فيه بأنه في الدنيا في منزلة بين منزلتين .
2- الهذيلية: وهم أصحاب أبي الهذيل حمدان بن الهذيل العلاّف(135هـ-226هـ)[1] شيخ العتزلة ومقدمهم، أخذ الإعتزال عن عثمان بن خالد الطويل عن واصل بن عطاء، من مفردات قوله: أن حركات أهل الجنة والنار تنقطع وأنهم يصيرون إلى سكون دائم خمودا، وتجتمع اللذات في ذلك السكون لأهل الجنة، وتجتمع الآلام في ذلك السكون لأهل النار.
3- النظامية: أتباع إبراهيم بن يسار بن هانئ النظّام (توفي سنة 231هـ)[1] كان قد خلط كلام الفلاسفة بكلام المعتزلة، وانفرد عن أصحابه بمسائل منها قوله: أن الباري سبحانه لا يوصف بالقدرة على أن يزيد في عذاب أهل النار شيئا، ولا على أن ينقص منه شيئا، وكذلك لا ينقص من نعيم أهل الجنة، ولا أن يخرج أحدا من أهل الجنة، وليس ذلك مقدورا له، وقد ألزم بأن يكون الباري تعالى مجبورا على ما يفعله تعالى الله.
4- الخابطية والحدثية: أصحاب أحمد بن خابط وكذلك الحدثية أصحاب الفضل الحدثي، كانا من أصحاب النظام وطالعا كتب الفلاسفة، ومن مفردات أقوالهما القول - موافقة للنصارى- بأن المسيح عليه السلام يحاسب الخلق في الآخرة. وكذلك قولهم: أن الرؤية التي جاءت في الأحاديث، كقوله : (إنكم سترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته) متفق عليه، هي رؤية العقل الأول الذي هو أول مبدع وهو العقل الفعّال الذي منه تفيض الصور على الموجودات، فهو الذي يظهر يوم القيامة وترفع الحجب بينه وبين الصور التي فاضت منه فيرونه كمثل القمر ليلة البدر فأما واهب العقل "الله" فلا يُرى.
5- البشرية: أصحاب بشر بن المعتمر (توفي سنة 226هـ)[1] كان من علماء المعتزلة ، قال الذهبي: " وكان .. ذكيا فطنا لم يؤت الهدى، وطال عمره فما ارعوى، وكان يقع في أبي الهذيل العلاف وينسبه إلى النفاق " من أقواله :" أن الله تعالى قادر على تعذيب الأطفال وإذا فعل ذلك فهو ظالم " .
6- المردارية: أصحاب عيسى بن صبيح المكنى بأبي موسى الملقب بالمردار (توفي سنة 226هـ)، ويسمى راهب المعتزلة، من مفردات أقواله : أن الله تعالى يقدر على أن يكذب و يظلم ولو كذب وظلم كان إلها كاذبا ظالما تعالى الله، وقال إن الناس قادرون على مثل القرآن فصاحة ونظما وبلاغة، وكان مبالغا في القول بخلق القرآن وتكفير من خالفه، وقد سأله إبراهيم بن السندي مرة عن أهل الأرض جميعاً فكفّرهم، فأقبل عليه إبراهيم، وقال الجنة التي عرضها السموات والأرض لا يدخلها إلا أنت وثلاثة وافقوك، فخزي ولم يحر جوابا.
7- الثمامية: أصحاب ثمامة بن أشرس النميري (توفي سنة 213هـ)[1] كان جامعا بين سخافة الدين وخلاعة النفس، انفرد عن أصحابه المعتزلة بمسائل منها قوله: في الكفار والمشركين والمجوس واليهود والنصارى والزنادقة والدهرية أنهم يصيرون في القيامة ترابا، وكذلك قال: في البهائم والطيور وأطفال المؤمنين.
8- الهشامية: أصحاب هشام بن عمرو الفوطي كان مبالغا في نفي القدر، وكان يمتنع من إطلاق إضافات أفعال إلى الباري تعالى وإن ورد بها التنزيل، منها قوله: أن الله لا يؤلف بين قلوب المؤمنين بل هم المؤتلفون باختيارهم، وقد ورد في التنزيل "ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم" ، ومنها قوله :أن الله لا يحبب الإيمان إلى المؤمنين ولا يزينه في قلوبهم، وقد قال تعالى : "وحبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم" ومن أقواله: أن الجنة والنار ليستا مخلوقتين الآن، وقال كذلك: أن النبوة جزاء على عمل وأنها باقية ما بقيت الدنيا.