إسماعيل
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
إسماعيل بن إبراهيم شخصية مذكورة في كل من التوراه والقرآن. يعتبر في الدين الإسلامي كنبي، ولكن في الديانتين المسيحية واليهودية يعتبر شخصية من التوراة (العهد القديم) فقط.
فهرست |
[تحرير] في المسيحية واليهودية
اسماعيل ( بالعبرية יִשְׁמָעֵאל وبالعربية إسماعيل و ترجمته " الله يسمع" ) ، وكان اسماعيل الابن الاكبر لأبراهيم من خادمة زوجته سارة التي كان اسمها هاجر.
اسماعيل كان أول من ذٌكر في سفر التكوين من كتاب التوراة كألابن الاكبر لابراهيم من هاجر " التي هي فتاة مصرية كانت تعمل كخادمة لسارة" .
لاتعترف اليهودية والمسيحية بأن اسماعيل نبي من أنبياء الله .
[تحرير] اسماعيل في التوراة
في كتاب التوراة ( العهد القديم) ، حياة اسماعيل مشروحة في سفر التكوين اصحاح ( فصل) 16 ومايليه. في سفر التكوين اصحاح 16 ، سارةالتي هي زوجة ابراهيم اعطت خادمتها هاجر لابراهيم حتى تحبل منه ولد وتدعوه ابناً لها ، بذلك استخدمت سارة خادمتها كوسيلة للحمل بالطفل لأعتقادها بأن الله لن يجعلها تحبل ابداً ( التكوين اصحاح 16:2) . اصبحت هاجر خمل وبدأت بأهانة سارة ، لذلك طردت سارة خادمتها هاجر من بيت ابراهيم في ثورة غضب .
فهربت هاجر من سارة إلى البرية وهناك ظهر لها ملاك ، قال لها ملاك الرب بأن ترجع إلى بيت ابراهيم وقال الملاك ايضا : "لأُكَثِّرَنَّ نَسْلَكِ فَلاَ يَعُودُ يُحْصَى" و اكمل قائلاً : " هُوَذَا أَنْتِ حَامِلٌ، وَسَتَلِدِينَ ابْناً تَدْعِينَهُ إِسْمَاعِيلَ (وَمَعْنَاهُ: اللهُ يَسْمَعُ) لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ سَمِعَ صَوْتَ شَقَائِكِ. وَيَكُونُ إِنْسَاناً وَحْشِيّاً يُعَادِي الْجَمِيعَ وَالْجَمِيعُ يُعَادُونَهُ، وَيَعِيشُ مُسْتَوْحِشاً مُتَحَدِّياً كُلَّ إِخْوَتِهِ " (تكوين اصحاح 16).
لذلك عادت هاجر إلى بيت ابراهيم ومعها ابنها الذي اسمته اسماعيل. بعد اربعة عشر سنة من ولادة اسماعيل وجدت سارة "زوجة ابراهيم" نفسها حامل بأبن ابراهيم "اسحق" . وعندما كان عٌمٌر اسماعيل 16 عاماً ، أغضَبَ سارة ، فسألت سارة ابراهيم أن يطرد هاجر وابنها اسماعيل.
كَبٌرَ اسحق ، وفي اليوم الذي فٌطم فيه أقام ابراهيم وليمة كبيرة ، لكن سارة لاحظت بأن اسماعيل يسخر من ابنها اسحق ، لذلك قالت سارة لابراهيم: " اطْرُدْ هَذِهِ الْجَارِيَةَ وَابْنَهَا، فَإِنَّ ابْنَ الْجَارِيَةِ لَنْ يَرِثَ مَعَ ابْنِي إِسْحقَ " ( تكوين اصحاح 10-21:8) .
مع ان ابراهيم لم يكن مرتاح من موضوع طرد هاجر واسماعيل ،لكنه استسلم إلى امر امرأته سارة بعدما وعدة الله بأنه سيعتني بأبنه اسماعيل ويجعل له نسلاً كما لاسحق.
وكل هذا ضايق ابراهيم كثيرا لانه كان ابنه ولكن الله قال له " لاَ يَسُوءُ فِي نَفْسِكَ أَمْرُ الصَّبِيِّ أَوْ أَمْرُ جَارِيَتِكَ، وَاسْمَعْ لِكَلاَمِ سَارَةَ فِي كُلِّ مَا تُشِيرُ بِهِ عَلَيْكَ لأَنَّهُ بِإِسْحقَ يُدْعَى لَكَ نَسْلٌ. وَسَأُقِيمُ مِنِ ابْنِ الْجَارِيَةِ أُمَّةً أَيْضاً لأَنَّهُ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ " ( تكوين اصحاح 13-21:11) .
ذهب هاجر واسماعيل إلى برية بئر سبع ، وعندها مرت هاجر وابنها بفترة عصيبة ، فسمعت صوت من السماء يقول :" مَا الَّذِي يُزْعِجُكِ يَاهَاجَرُ؟ لاَ تَخَافِي، لأَنَّ اللهَ قَدْ سَمِعَ بُكَاءَ الصَّبِيِّ مِنْ حَيْثُ هُوَ مُلْقًى. قُومِي وَاحْمِلِي الصَّبِيَّ، وَتَشَبَّثِي بِهِ لأَنَّنِي سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً عَظِيمَةً " ( تكوين اصحاح 12) .
وبذلك سكن هاجر واسماعيل في صحراء فاران وبرَع اسماعيل برمي القوس وا تخَذَت لهٌ امَه زوجةً من مصر .
[تحرير] وعد الله لأبراهيم
وقال الله لابراهيم " إِنَّ سَارَةَ زَوْجَتَكَ هِيَ الَّتِي تَلِدُ لَكَ ابْناً وَتَدْعُو اسْمَهُ إِسْحقَ (وَمَعْنَاهُ يَضْحَكُ). وَأُقِيمُ عَهْدِي مَعَهُ وَمَعَ ذُرِّيَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ عَهْداً أَبَدِيّاً. أَمَّا إِسْمَاعِيلُ، فَقَدِ اسْتَجَبْتُ لِطِلْبَتِكَ مِنْ أَجْلِهِ. سَأُبَارِكُهُ حَقّاً، وَأَجْعَلُهُ مُثْمِراً، وَأُكَثِّرُ ذُرِّيَّتَهُ جِدّاً فَيَكُونُ أَباً لاثْنَيْ عَشَرَ رَئِيساً، وَيُصْبِحُ أُمَّةً كَبِيرَةً. غَيْرَ أَنَّ عَهْدِي أُبْرِمُهُ مَعَ إِسْحقَ الَّذِي تُنْجِبُهُ لَكَ سَارَةُ فِي مِثْلِ هَذَا الْوَقْتِ مِنَ السَّنَةِ الْقَادِمَةِ" ( تكوين اصحاح 17)
وهؤلاء اولاد اسماعيل الاثنا عشر بالترتيب " وَهَذِهِ أَسْمَاءُ أَبْنَاءِ إِسْمَاعِيلَ مَدَوَّنَةً حَسَبَ تَرْتِيبِ وِلاَدَتِهِمْ: نَبَايُوتُ بِكْرُ إِسْمَاعِيلَ، وَقِيدَارُ وَأَدَبْئِيلُ وَمِبْسَامُ، وَمِشْمَاعُ وَدُومَةُ وَمَسَّا، وَحَدَارُ وَتَيْمَا وَيَطُورُ وَنَافِيشُ وَقِدْمَةُ. " ( تكوين اصحاح 25) .
ولاسماعيل ابنة اسمها بَسْمَةَ . ( تكوين اصحاح 36:3) حيث تزوجها عيسو ليرضي اهله ( تكوين اصحاح 28:9) .
[تحرير] نسل اسماعيل
ويظهر اسماعيل مع اخوه في دفن ابيهما ابراهيم " فَدَفَنَهُ ابْنَاهُ إِسْحقُ وَإِسْمَاعِيلُ فِي مَغَارَةِ الْمَكْفِيلَةِ، فِي حَقْلِ عِفْرُونَ بْنِ صُوحَرَ الْحِثِّيِّ مُقَابِلَ مَمْرَا " ( تكوين اصحاح 25:9) .
وقد صاروا ابناء اسماعيل الاثني عشر رؤساء لاثنتي عشر قبيلة وانتشرت ذريته من حَوِيلَةَ إِلَى شُورَ الْمُتَاخِمَةِ لِمِصْرَ فِي اتِّجَاهِ أَشُّورَ.
يقول جيروم بأنه في ايام اسماعيل كانوا يسمون المقطعات العربية بأسماء القبائل.
[تحرير] تسلسل اولاد اسماعيل وفقاً لتأريخ ميلادهم: (سفر التكوين)
نَبَايُوتُ ، وَقِيدَارُ وَأَدَبْئِيلُ وَمِبْسَامُ، وَمِشْمَاعُ وَدُومَةُ وَمَسَّا، وَحَدَارُ وَتَيْمَا وَيَطُورُ وَنَافِيشُ وَقِدْمَةُ .
[تحرير] في الاسلام
جزء من سلسلة |
رسل وأنبياء |
آدم·ادريس |
في الإسلام يعتبر أحد الأنبياء. وفي نصوص التوراة والعهد القديم فهو ابن إبراهيم من هاجر المصرية، كانت جارية لسارة التي أعطتها كزوجة لإبراهيم. هو الذي فداه الله حين رأى إبراهيم في منامه أنه يذبحه ، وبما أنه سكن مكة فقد تعلم العربية و تزوج من قبيلة جرهم الذين سكنوا بجواره و جوار امه و يعتبره النسابة أبو العدنانيين لأن عدنان ولده فإسماعيل هو أبو العرب المستعربة التي تنمي لها قبيلة قريش. و يعرف بأن محمد بن عبد الله هو من نسل إبراهيم وإسماعيل (وقد أقر ذلك يوحنا الدمشقي وابن ميمون اليهودي) وأنه قام ووالده إبراهيم ببناء الكعبة التي عظمها وحجها العرب كافة منذ أيام إبراهيم. عاش 137 سنة.
ويرى المؤرخون العرب أن كثيرا من القبائل العربية تنتمي له والتي وصلت لليمن جنوبا وحتى الصحراء السورية شمالا. امتدحه الله في الاية القرآنية : {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولا نَبِيًّا * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا} [مريم: 54-55].
[تحرير] النبي إسماعيل في الإسلام
دعاء إبراهيم(عليه السلام)
كان نبي الله إبراهيم(عليه السلام) متزوجاً من سارة أخت نبي الله لوط(عليه السلام)، وهي ابنة خالته، وأنه لم يرزق منها بولد طوال أكثر من عشرين عاماً، فدعا إبراهيم عليه السلام ربَّه قائلاً: {ربّ هب لي من الصالحين}.
السيدة هاجر
وكانت سارة تعلم برغبة إبراهيم (عليه السلام) في أن يصبح أباً ويكون له ولد يعينه في حياته ويرثه بعد مماته. وكانت لها جارية مصرية قبطية، اسمها هاجر، فوهبتها له، ليتزوجها عسى أن يتحقق له مايريد.
ولادة اسماعيل عليه السلام
وهكذا حقق الله دعوة خليله إبراهيم(عليه السلام)، وحملت هاجر {فبشرناه بغلام حليم}، وهو اسماعيل(عليه السلام).
فاغتاظت سارة ولحقتها الغيرة، فكانت تدور بينها وبين هاجر خلافات كالتي تحصل بين الزوجتين في البيت الواحد، ولكن إبراهيم(عليه السلام) كان يوفق بينهما في كل مرة.
وظلت الحال كذلك حتى ولدت هاجر إسماعيل(عليه السلام) وكان إبراهيم(عليه السلام) في السادسة والثمانين من العمر، وسارة قد بلغت سن اليأس من الإنجاب، فتعاظمت غيرة سارة، وبات إبراهيم(عليه السلام) في حيرة في أمره، كيف يستطيع التوفيق بينهما وهو في هذا العمر شيخ كبير.
وبدأ إبراهيم(عليه السلام) يناجي ربه، ويطلب إليه أن يعينه ويساعدهُ، فبشره الله سبحانه بولد آخر تنجبه سارة: { فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب. قالت: ياويلتي أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخاً إنّ هذا لشئ عجيب. قالوا أتعجبين من أمر الله؟
وفي العهد القديم كان عمر إسماعيل ثلاث عشرة سنة عند التبشير بولادة إسحق.
وأنجبت سارة إسحاق(عليه السلام) وهكذا صار لإبراهيم ولدان: إسماعيل من هاجر، وإسحاق من سارة... ولحكمة أرادها الله، وتحاشياً لما قد يقع بين الزوجتين وولديهما من الخلاف والمشاحنات أمر الله سبحانه خليله إبراهيم(عليه السلام) أن يخرج بإسماعيل عليه السلام وأمه هاجر، ويبتعد بهما عن سارة، التي اغتمت كثيراً وثقل عليها أمر هاجر وولدلها إسماعيل، بعد أن صار لها ولدا. ولكن يذكر العهد القديم أن هاجر كانت تحمل إسماعيل، فيظن أن الإخراج كان قبل ولادة إسحق.
بوادٍ غير ذي زرع
أذعن إبراهيم(عليه السلام) لأمر ربه، فخرج بهاجر وابنها إسماعيل عليه السلام، وهو لايدري إلى أين يأخذهما، فكان كل ما مرّ بمكانٍ أعجبه فيه شجر ونخل وزرع قال: إلى ههنا ياربّ؟ فيجيبه جبرائيل(عليه السلام): امض يا إبراهيم...
وظلَّ خليل الله وهاجر سائرين، ومعهما ولدهما الرضيع إسماعيل حتى وصلوا إلى مكة، حيث لا زرع هناك ولاماء، اللهم إلاّ دوحة ألقت عليها هاجر كساءً كان بحوزتها، ليظلهم من حرِّ الشمس اللاهبة.
أراد إبراهيم(عليه السلام) أن يترك هاجر وولدها إسماعيل، في ذلك المكان القاحل المقفر، حيث لادار ولانافخ نار، ولاطعام فيه ولاشراب، إلاّ كيس من التمر وقربة صغيرة فيها قليل من الماء كانوا قد حملوهما معهم عند بدء رحلتهم. فخافت هاجر على نفسها الجوع والعطش، وعلى ولدها الهلاك، فتعلقت بإبراهيم(عليه السلام) تريد ألا تتركه يذهب، وراحت تساله: إلى أين تذهب ياإبراهيم وتتركني وطفلي في هذا المكان الذي ليس فيه أنيس، ولا زرع ولا ماء؟!.. أو ما تخاف أن نهلك أنا وهذا الطفل جوعاً وعطشاً؟!
رق قلب إبراهيم(عليه السلام) ولكنه أمر الله له، وهو إنما ينفذ ماأمره به ربه؟
وأشاح بوجهه عنها.. ولكن هاجر ألحت في السؤال، وظل إبراهيم(عليه السلام) منصرفاً عنها يناجي ربه.. ويأتي الجواب، جازماً حاسماً لاتردد فيه ولاتراجع: إن الله هو الذي أمرني بترككم في هذا المكان، وهو لاشك سيكفيكم..
لاذت أم إسماعيل بالصمت، ورضخت هي الأخرى لما أراده الله ثم قالت: إذن لايضيعُنا الله.
ورفع إبراهيم(عليه السلام) يديه بالدعاء متضرعاً إلى الله وهو يهم بالعودة: { رب إنّي أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم. ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم. وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون}. ثم قفل عائداً إلى بلاد الشام حيث سارة، وقلبه يهوي إلى مكة.. إلى ولده وفلذة كبده إسماعيل الرضيع، ولاحيلة له إلاّ الدعاء والتضرع.
نفد التمر والماء من بين يدي هاجر... واشتدت حرارة القيظ فعطش الرضيع وطلب الماء ليشرب.. وراح يتلوى من الجوع والعطش فلم تعد هاجر تطيق رؤية طفلها على هذه الحال، فراحت تنظر إليه وعيناها مغرورقتان بالدمع، لاتدري ماذا تفعل.. فهي لن تترك وليدها يقضي جوعاً وعطشاً, لا، لا، ولن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا المصير... فلا بد أنها ستجد الماء.. فالله لن يضيعها وطفلها..
وقامت هاجر في الوادي في موضع السعي أيام الحج، ونادت هناك: هل في الوادي من أنيس، فلم يجبها أحدٌ غير الصدى..
بئر زمـــزم
انطلقت هاجر تبحث عن الماء في كل اتجاه. وكان الصفا أقرب جبل إليها، فصعدت عليه وراحت تنظر يمنه ويسرة وفي كل ناحية فلاح لها على المروى سرابٌ طنته ماءً، نزلت عن الصفا وراحت تسعى مهرولة في الوادي باتجاه جبل المروة، وفي ظنها أنها ستجد الماء.. ولكنها لم تجده ، فوقفت منهكة تنظر وتتفحص فلاح لها سرابٌ في الجهة الأخرى على الصفا وكأنه الماء فعادت مهرولة إلى الصفا ولكنها لم تجد هنالك شيئاً.
وهكذا في كل مرة، حتى فعلت ذلك سبع مرات وطفلها لم يفارق مخيلتها، ولم تكن تطيق أن يغيب عن ناظريها.. فلما كانت في المرة السابعة، وقد اشتد بها العطش، وأخذ منها التعب، وأنهكها المسير، دون أن تعثر على الماء.. نظرت إلى طفلها والدموع تكاد تطفر من عينيها، فإذا الماء ينبع من تحت قدميه، فأتته مسرعة وراحت تجمع حوله الرمل وهي تقول: زم زم. ثم أخذت تعب من الماء حتى ارتوت وانحنت على إسماعيل ترضعه.. فإذا بها تسمع صوتاً يقول لها: لاتخافي الضيعة، فإن ها هنا سيكون بيت لله يبنيه هذا الغلام وأبوه، فقري عيناً، إن الله لايضيع أهله.
أفئدة من الناس تهوي إليهم
كانت قبيله جرهم، وهي إحدى أكبر القبائل العربية في ذلك الزمان، مثلها مثل بقية القبائل العربية تجوب الأماكن بحثاً عن الماء والعشب، وكانوا يقيمون في عرفات.. مما أتاح لهم أن يروا الطير تحوم فوق وادي مكة، حيث انبجس الماء من بئر زمزم، فعرفوا أن في ذلك الوادي ماءً، وبعثوا منهم من يتحقق من ذلك، فجاؤوا إلى الوادي فرأوا هاجر وإبنها إسماعيل، وشاهدوا البئر المملوءة ماءً فأعجبهم المكان، فاقتربوا من هاجر وسألوها من تكون؟.
قصت هاجر عليهم قصتها، فطلبوا منها أن تأذن لهم في النزول قريباً منها ومن البئر، فقالت لهم: سوف أستأذن لكم زوجي إبراهيم، فإنه يتفقدنا بين الحين والحين، ولما جاء إبراهيم ليرى إلام صار حال زوجته وابنه البكر إسماعيل(عليه السلام)، سألته هاجر إن كان يأذن أن ينزل الجرهميون قريباً منها في وادي مكة، فسرَّ بذلك سروراً عظيماً، وقد علم أن دعوته بدأت تتحقق، فأذن لهم.
وجاءت رسل جرهم ليعرفوا الجواب، فأعلمتهم هاجر أن زوجها أذن لهم بالنزول قريباً منها، شرط ألا يكون لهم على الماء سلطان. فعادوا إلى قومهم يخبرونهم، ففرحوا بذلك ووافقوا.
أقام الجرهميون قرب الماء، فأنست بهم أم إسماعيل، وقد منحوا ابنها كثيراً من المواشي.
وشبّ إسماعيل(عليه السلام) بين أبناء قبيلة جرهم، كواحد منهم، فتعلم منهم العربية، وبلغ مبلغ الرجال.
الرؤيا - الإمتحان
لما بلغ إسماعيل(عليه السلام)، أراد الله سبحانه وتعالى أن يمتحنه ويمتحن أباه إبراهيم(عليه السلام).. فأرى إبراهيم في المنام أنه يأمره بذبح ولده البكر الوحيد إسماعيل .
وصدق إبراهيم الرؤيا قولاً وسعى إلى تصديقا عملاً وفعلاً، فجاء إلى ولده إسماعيل وقال له: {يابني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى}.
ولم يكن إسماعيل(عليه السلام) ليكذب رؤيا أباه، ويرفض أمر الله مولاه، فقال لأبيه: {يا أبت افعل ماتؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين..}.
وهكذا صدق الإثنان: إبراهيم خليل الله، وولده إسماعيل عليهما السلام، صدقا أمر الله دون أن تراودهما الهواجس والشكوك، ولم يترددا في التنفيذ.. وبدأ التنفيذ العملي لذلك التصديق: قاد إبراهيم(عليه السلام) إسماعيل إلى المكان الذي أُمِر أ، يذبحه فيه، فبعث الله سبحانه إليه ملكاً على صورة شيخ جليل رزين، فقال إبراهيم(عليه السلام): ياإبراهيم، ماتريد من هذا الغلام؟ قال(عليه السلام): أريد أن أذبحه. قال الشيخ: سبحان الله! غلام لم يعص الله، ولم يأتِ مايستحق منك ذلك!
قال إبراهيم(عليه السلام) إنّ ربي هو الذي أمرني بذلك. فقال الملك الشيخ: ربك ينهاك عن ذلك . قال إبراهيم(ع): ويلك إن الذي بلّغني هذا المبلغ هو الذي أمرني به.
وظل الشيخ يحاور إبراهيم(عليه السلام) ويقول له: ياإبراهيم إنك نبي إمام، فلئن أنت ذبحت إبنك، تبعك الناس من بعدك وصاروا يذبحون أولادهم.
لم يلتفت خليل الرحمن إلى كلام الشيخ، بل أقبل يستشير ولده إسماعيل(عليه السلام) في الذبح وكيف يكون، فقال إسماعيل: يا أبتاه، غط وجهي بخمار، واربط يدي ورجلي.. فقال إبراهيم(عليه السلام): الوثاق مع الذبح!.. لا والله أجمعهما عليك، وأسلما لأمر الله.. وتلّ إبراهيم إسماعيل، وأضجعه على الأرض وأخذ السكين ووضعها على حلقه..ورفع رأسه إلى السماء .. ولكن الله العزيز العليم، لم يكن ليترك إبراهيم يذبح ولده إسماعيل وهو يعلم صدق الأثنين وتسليمهما لأمره، وقد ظهر هذا التصديق جلياً واضحاً: {فلما أسلما وتله للجبين. وناديناه: أن ياإبراهيم قد صدّقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين. إن هذا لهو البلاء المبين}.
وأمر الله سبحانه جبريل عليه السلام فقلب السكين على قفاها، فلم تفعل شيئاً. ثم رفع إسماعيل(عليه السلام) وأتى بكبش كبير أضجعه موضعه، ونجى إسماعيل من الذبح: {وفديناه بذبح عظيم. وتركنا عليه في الآخرين. سلامٌ على إبراهيم. كذلك نجزي المحسنين}.
ويظهر شدة إيمان الخليل لقبوله تضحية ابنه الوحيد رغم كبر عمره، ولذلك باركه الله ورزقه ولدا آخر من زوجته سارة عليها السلام وجعل في ذريته النبوة والكتاب.
إسماعيل(عليه السلام) وزوجتاه
وتوفيت هاجر أم إسماعيل رضوان الله عليها، فدفنها إسماعيل(عليه السلام) في مكة قرب البيت الحرام، في المكان الذي يعرف اليوم بحجر إسماعيل.
ثم تزوج فتاة من جرهم، عاشت معه بعد وفاة أمه هاجر...
ويقال في روايات : ( وجاء إبراهيم(عليه السلام) بعد فترة ليتفقد أحوال ابنه وأهله ، ولم يكن إسماعيل موجوداً في البيت، فوقف على امرأته دون أن تعرفه، وراح يسألها عن إسماعيل، فقالت: خرج يبتغي لنا.. وسألها عن أحوالهم وكيف يعيشون، فراحت تشكو الضيق وتعلن أنهم في أسوأ حال.. ولم تستضفه، فقال لها: إذا جاء زوجك فاقرئيه السلاموقولي له يغير عتبة بابه.وتركها إبراهيم(عليه السلام) وانصرف راجعاً، فلما جاء إسماعيل(عليه السلام) عرف أنّ إباه قد حضر، فسأل زوجته: هل جاءنا أحد اليوم؟ قالت: جاءنا رجل شيخ.. وراحت تصفه له وذكرت له ما سألها عنه، وأخبرته بما قالت هي له، فقال لها إسماعيل(عليه السلام) وهل أوصاكِ بشئ؟ قالت: أوصاني أن أقرئك السلام، ويقول لك أن تغيّر عتبة بابك.فقال إسماعيل(ع): ذلك هو أبي، وقد أمرني أن أطلقك، وطلّقها فلحقت بأهلها، ثم تزوج بأخرى من قبيلة جرهم. وعاود إبراهيم(عليه السلام) زيارته إلى بيت ولده إسماعيل(عليه السلام)، وكان إسماعيل خارجاً، فدخل فلم يجده ووجد زوجته، فرحبت به، واستضافته، فنزل وسألها عنه فقالت: خرج يطلب الرزق لنا. قال: كيف أنتم، وكيف تعتاشون؟ قالت: نحن بخير وسعة، والحمد لله، فقال إبراهيم(ع) وما طعامكم وشرابكم؟ قالت: أما طعامنا فاللحم، وأما شرابنا فالماء. فقال(ع): اللهم بارك لهم في اللحم والماء، ثم قال لها: إذا جاء زوجك فأقرئيه مني السلام، وقولي له يثبت عتبة بابه ويستوص بها خيراً.ولما رجع إسماعيل إلى بيته. سأل امرأته: هل زاركم أحد اليوم؟ قالت نعم، رجل شيخ حسن الهيئة، سألني عنك، فأخبرته أنّك خرجت في طلب الرزق، وسألني عن حالنا وكيف عيشنا، فأبلغته أننا بخير وسعة من الله. وسأل إسماعيل(ع) زوجته: هل أوصاك ذلك الشيخ بشئ؟ قالت: نعم، هو يقرئك السلام ويأمرك أن تثبت عتبة بابك وتستوصي بها خيراً. قال: إنه أبي، وأنت عتبة الباب، وقد أمرني أن أثبتك في بيتي زوجة لي وأستوصي بك خيراً.)
إسماعيل(ع) ينقل الحجارة لبناء البيت الحرام
غاب إبراهيم(عليه السلام) مدة لم ير خلالها ابنه إسماعيل(عليه السلام)، حتى أمره الله سبحانه تعالى، أن يبني له بيتاً في مكة، يكون مثابة للناس.
ولم يعرف إبراهيم أين يبني البيت، وتحير في الأمر، فبعث الله عزوجل جبريل عليه السلام، فأشار إليه بالمكان المناسب.
قصد إبراهيم(عليه السلام) منزل ولده إسماعيل، وأبلغه الأمر الإلهي، فقال إسماعيل(عليه السلام): تبنيه وأساعدك.
وبدأ إسماعيل بنقل الأحجار، من ذي طوى وجبل أبي قبيس، وراح إبراهيم(عليه السلام) يبني البيت ويدعو مع إسماعيل: {ربنا تقبّل منا إنك أنت السميع العليم}.
رفع إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام بناء البيت، حتى بلغ يوم بنائه تسعة أذرع، وقد جعلا له بابين: شرقياً وغربياً يسمى المستجار. ثم إنّ جبريل (عليه السلام) دل إبراهيم على موضع الحجر الذي كان الله تعالى قد أنزله على آدم، والذي يروى أنه كان أشد بياضاً من الثلج، وإنما اسود بسبب ذنوب البشر، فأخذ إبراهيم(عليه السلام) الحجر الأسود ذاك، ووضعه في المكان الذي هو فيه اليوم.
وعند انتهاء إبراهيم وإسماعيل(عليهما السلام) من بناء بيت الله الحرام، عهد الله إليهما أن يقوما على خدمته: {... وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركّع السجود} وجعله مثابة للناس، وأمرهم باتخاذه مصلى: {وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمناً واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}.
ثم أمر الله سبحانه خليله إبراهيم(عليه السلام) أن يعلو ركناً من أركان البيت، وينادي في الناس: ألا هلم إلى الحج: {وأذَّن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق. ليشهدوا منافع لهم، ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على مارزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير. ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوَّفوا بالبيت العتيق}.
إسماعيل(عليه السلام) نبي الله
لما أحس إبراهيم(عليه السلام) بقرب وفاته، أوصى ابنه إسماعيل(عليه السلام) أن يقوم بخدمة بيت الله الحرام، ويدبر شؤونه، وهكذا كان, فبعد وفاة إبراهيم(عليه السلام)، قام إسماعيل برعاية البيت والسهر على شؤونه.. ثم إن الله سبحانه وتعالى نبأه وأرسله إلى العماليق وقبائل اليمن. فأخذ ينهاهم عن عبادة الأوثان ودعاهم إلى عبادة الرحمن، الواحد الأحد الفرد الصمد، فآمن بعضهم وكفر آخرون.
وقد ذكر الله سبحانه نبيه إسماعيل(عليه السلام) في سبع من سور القرآن المجيد، هي على التوالي: سورة البقرة، سورة آل عمران، سورة النساء، سورة الانعام، سورة إبراهيم، سورة الأنبياء، وسورة ص.
والنبي إسماعيل ورد ذكره في سورة مريم في قوله تعالى: {واذكر في الكتاب إسماعيل إنّه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبيا. وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا}.
والنبي إسماعيل بن إبراهيم (عليهما السلام)، هو أبو العرب، وعاش مائة وسبعاً وثلاثين سنة على مايذكر الرواة، وقد رزق(عليه السلام) من الأولاد اثنا عشر ذكراً هم: فائت، قيدار، إربل، ميم، مسمع، دوما، دوام، ميشا، حداد، حيم، قطورا، وماش.
وإلى إسماعيل(عليه السلام) يتصل نسب حبيب الله نبينا محمد(صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم) عن طريق ولده قيدار والله أعلم، حيث قيل عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه ابن الذبيحين وهو يعني أباه عبد الله وجده إسماعيل بن إبراهيم عليه وعليهما الصلاة والتسليم.
ويذكر المؤرخون نسب النبي محمد(عليه الصلاة والسلام) : هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن عدنان بن أد بن أود بن ناحور بن يعور بن يعرب بن يشجب بن ثابت بن إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن بن تارخ، إلخ....
من هنا يعلم فضل نبي الله إبراهيم(عليه السلام)، حيث أنه كان من صلبه شجرة النبوة المباركة.
ويذكر أن نبي الله إسماعيل (عليه السلام) لما أحس بدنو أجله، أوصى إلى أخيه إسحاق بتدبير شؤون البيت الحرام، وتوفي سلام الله عليه.
فسلام الله على إسماعيل إنه كان نبياً رسولاً
وكان من الأخيار وكان من الصابرين
والحمد لله رب العالمين
( يرجى عدم حذف المشاركة حتى تعم الفائدة ) (كما يجب ان توجد مشاركة من مسلم ، وليس من غيره ، عن النبي إسماعيل في الإسلام )
روابط ذات صلة :
http://www.alnoor.info/prophets/ismaiel.asp
http://www.ebnmaryam.com/althabee7.htm
http://kids.islamweb.net/kids/display.php?contentid=22
http://abeeralislam.jeeran.com/archive/2006/5/52235.html
http://www.qassimy.com/alshamel/alshamel_show.php?id=432
[تحرير] الاعتقاد البهائي
اسماعيل يذكر في كتابات بهاءالله ، مؤسس الايمان البهائي، ويعتبر اسماعيل من الانبياء ذات اهمية غير كبيرة. خليفة بهاءالله، سيّد على محمد الشيرازي، معروف بالبأب، يعتبر من نسل اسماعيل إلى محمد. البهائيين ايضاً يتقبلون ، كما جاء في القرآن، أن اسماعيل ، وليس اسحق، هو الذي كان سيضحي به ابيه ابراهيم.